الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد العقد بدت من خاطبي أمور جعلتني أتردد، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، عمري 26 سنةً، تخرجت فن كلية الهندسة، تعرفت عن طريق الأهل إلى شاب من خارج دولتي، عمره 41 سنةً، في أحاديثنا عبر النت لم أشعر أن هناك فرقاً في تفكيرنا أبداً؛ لأن جميع من حولي يخبرني بأني أنضج من عمري الحقيقي.

أعجبني بعض كلامه، مستواه الدراسي أقل مني، لديه شهادة ثانوية فقط، وهو أقصر مني ب 3 سم، وضعه المادي جيد، وأهله طيبون.

خلال حديثنا أيضاً عن بعد: بداية كنت أشعر بقبول معه، وأعجبتني أفكاره، قمت بالاستخارة أكثر من مرة، ودعوت الله كثيراً، ورأيت تيسيراً في أموري، وقمنا بعقد القران، إلا أن التردد دائماً في داخلي، وهناك نواحٍ تزعجني، مثلاً أرسل نصف المهر بناء على طلب والده؛ لأنني بعيدة، وشعرت بأنهم يخشون أن أتركه، ولا يسألني إذا كنت أحتاج شيئاً، ولم يرسل أي هدية، أنا حقاً لا أطمع بهذا، لكن أشعر بأن هذا المؤشر الوحيد لمعرفة كرمه أو بخله، وخاصة أنه بعيد!

أردت أن أوضح الأمور، وأخبرته أنك لست مجبراً، وأنا في بيت أهلي بأن تنفق عليّ، ولكن حتى الكلام لا أجد منك محاولات في معرفة وضعي أو ما أحتاج، وعندها تناقشنا بشكل غير لطيف، ولكن باحترام وأدب، فتعاملنا دائماً هكذا، هو يخبرني بأنه يحبني، وسعيد جداً أني وافقت.

والآن لا نتحدث منذ أسبوع، وأنا أخشى من التردد تارة، ومن أن يكون بخيلاً تارة أخرى، وهو من غير دولتي ولكن دائماً ما يقول لي: عندما تكونين معي سترين الفرق!

والناس من حولي يقولون: ليس جميلاً، وأكبر منك.

أوقات أكون قوية، وأتخطى الموضوع، وأوقات أشعر بالاقتناع بكلامهم، فكيف أطمئن؟ وما الطريقة لمعرفة الصواب؟

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال.

هذا الرجل الذي حصل التعارف معه عن طريق الأهل وشعرت بارتياح، وتتخوفين الآن من أن يكون بخيلًا، نحب أن ننبّه إلى أن الطريقة التي تحاولين بها معرفة بخله من كرمه غير دقيقة، ودائمًا ربما الفتاة وأهلها يريدون أن يبذل الخاطب بسخاء، وفي نفس الوقت أهل الخاطب يريدون ألَّا يستعجل هذه الأمور، وبالتالي أرجو ألَّا تلتفتي لهذا المعيار، وإذا كان الرجل مرضي الدِّين، ومرضي الخُلق، فعلى الأهل فقط أن يتوسَّعوا للتعرُّف إليه، والسؤال عن أحواله.

والتردد الذي يحصل في مراحل متأخرة، بعد الارتياح والانشراح الذي حصل في البدايات؛ نحن لا نقف عنده طويلًا، ونتمنّى أن تكوني دائمًا قويّة، تنجحين في تخطي هذه الوساوس، وتخرجين من دائرة التردد، وإذا كان من دولة أخرى - كما أشرت - فنتمنَّى أن تجدي مَن يُعطيكم مزيدًا من الأخبار عنه، غير أن كلامه أيضًا بـ (أنك عندما تكونين معي سترين الفرق) يدلُّ على أن الرجل يريدُ خيرًا، هذا ما نظنُّه ونعتقده.

وكون الرجل أقلَّ جمالًا أو أكبر منك؛ هذه الأمور لا تضرّ الرجل؛ فالجمال مهم في الأنثى، لكن المهم في الرجل هو حضوره المجتمعي، ودينه وأخلاقه، وتعامله مع الناس.

وكونه أكبر منك أيضًا لا إشكال فيه؛ لأنك شعرت أن هناك توافقاً في الأفكار، واتفاقاً في الموجّهات الأساسية وبرنامج الحياة، وهذه هي الأمور المهمّة، والنبي (ﷺ) تزوج من عائشة التي يكبرها بأكثر من خمسين سنة، وكذلك تزوج من صفية وجويرية، كل هؤلاء كان الفارق العمري بينه وبينهنَّ كبيراً -عليه صلاة الله وسلامه - والعلاقة العاطفية لا تعرف فوارق الأعمار؛ لأنها تلاق بالأرواح و(الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).

عليه نحن لا نؤيد الاستعجال في إنهاء العلاقة، ولا نؤيد إظهار هذا التردد، ونسأل الله أن يُعينك على إكمال هذا المشوار، وأن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً