الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تيسر أمر الوظيفة يدل على نتيجة استخارتي في الزواج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة جامعية، وقد تخرجت وبقيتُ لمدة عام كامل دون عمل، وتقدم لخطبتي زميلي في الجامعة، فصليتُ صلاة الاستخارة، -والحمد لله- وافق والدي.

وفي اليوم التالي مباشرة، تحصّلت على وظيفة في مجال التمريض، وبعد صلاة الاستخارة، شعرت براحة كبيرة، وبدأت الأمور تسير بسهولة فيما يخص موضوع الخطبة، كما أنني دعوت الله إن كان هذا الإنسان خيرًا لي أن يُظهر لي إشارة.

فهل تُعدّ هذه إشارات على أنه شخص مناسب؟ وهل يُعتبر حصولي على الوظيفة مباشرة بعد تقدّمه لخطبتي دليلًا على تيسير الأمور، خاصة أن حالتنا المادية صعبة نوعًا ما؟

مع العلم أن معظم من حولي ينصحونني بترك الخطبة، والتمسّك بالوظيفة، رغم أن هذا الشخص صاحب دين وعلم وأخلاق.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله أن يُيسِّر ويسهّل أمرك، وأن يُقدِّر لك الخير ثم يُرضيكِ به.

لا شك أن المحافظة على الرجل الذي طرق الباب، وهو ذو دينٍ وعلمٍ وخلقٍ، من أهم ما ينبغي أن تحرص عليه الفتاة العاقلة مثلكِ؛ فهذا من أعظم ما تسعى إليه كل فتاة، ونحن في زمانٍ قلَّ فيه من يطرق الأبواب، أو يأتي البيوت من أبوابها، وإذا جاء وطرق الباب فمن النادر أن نجد فيه الصفات التي ذكرتِها.

وقد وجَّهت الشريعة الفتاة وأوليائها بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَتَاكُمْ مَن تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ -أو أَمَانَتَه- فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"، فالدين أمانة، والخُلق ضمان، وهذا توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولا شك أنكِ أيضًا متميزة؛ وهذا الخاطب ما طلبكِ إلَّا لمعرفته بالخير الذي عندك، نسأل الله أن يُعينكم على إتمام هذا الأمر وإكماله على خير.

ولا يُقدَّم شيء على الزواج بالنسبة للفتاة؛ أما الوظائف وسائر الأمور الأخرى، فهي من الأمور المعينة التي تأتي لاحقًا، ولا نرى بأسًا في أن تجمعي بين الحُسنيين: الزواج والعمل، وذلك بالتفاهم مع الزوج، والسعي لأن يكون عونًا لك في هذه الوظيفة، أو غيرها مما تتفقان عليه.

ومع ذلك، فإننا ندعوكِ للمحافظة على هذا الخير العظيم، خاصةً وأنكِ ممّن يستخير ويستشير، ومن فعل ذلك لا يندم -بإذن الله-، وليس من الضروري أن تري بعد الاستخارة رؤيا أو إشارات محددة، لكن تيسير الأمور، والشعور بالراحة والانشراح، كلّها من المبشّرات، وقد حصل لكِ من ذلك -بفضل الله- الكثير، وهي علامات طيبة على أن أبواب الخير تُفتح أمامك.

فالاستخارة معناها: طلب الدلالة إلى الخير ممّن بيده الخير، سبحانه وتعالى، وقد تحصل بعض الصعوبات بعد الاستخارة أيضًا، لأن هذه من طبيعة الحياة، ولا تعني أن هناك خللًا في الاستخارة نفسها، فالإنسان ينبغي أن يستخير ويستشير، ويمضي قُدُمًا وهو يسأل الله التوفيق والسداد، وهذه المبشِّرات اجتمعت في هذا الأمر: قدوم الخاطب، والوظيفة، وموافقة الأهل، ومعرفتكِ المسبقة به، وكونه صاحب خُلق ودين، كلها نِعم تحتاج مِنّا إلى شكر الله تعالى، ونسأل الله أن يُعينكِ على النجاح في حياتك الأسرية أولًا.

أما ما يقوله بعض الناس من ضرورة ترك هذه الخطبة، فنحن لا نؤيده قطعًا، والإنسان ينبغي أن يلجأ إلى أهل الاختصاص، ونحن نشكركِ على لجوئكِ إلى هذا الموقع؛ لنُدلكِ على ما فيه الخير لكِ -بإذن الله-.

الوظيفة ستأتي، لكن الزوج الصالح من الصعب أن تجده الفتاة في هذا الزمان، خاصةً وقد أشرتِ إلى أشياء طيبة ومناسبة فيه، ويكفي أنه صاحب خُلق وعلمٍ ودين كما ذكرتِ.

نسأل الله أن يُعينكِ على الخير، وأن يسعدكِ في حياتكِ، وأن يملأ داركما بالخير والبركة والمال، وقبل ذلك أن يعمرها بالصالحين من الأبناء والبنات، وأن يُلهمكما السداد والرشاد، هو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

نكرر دعوتنا لكِ بالمحافظة على مشروع تكوين الأسرة، فهو الأساس، والفتاة مهما بلغت من العلم والمكانة ستحتاج إلى إشباع هذا الجانب الفطري فيها؛ ليكتمل جانب عاطفة الأمومة لديها، وكم من صاحبات الشهادات والمناصب ممن فاتهنّ قطار الزواج، يهمسن في لحظات الضعف، وتُسمَع صيحاتهن: "خذوا شهاداتي كلها، وأسمِعوني كلمة (ماما)"، بل إن بعض النساء في البلاد الغربية، ممن يشغلن مناصب مرموقة، يتركن وظائفهن طوعًا بحثًا عن الأمومة ودفء الحياة الأسرية.

نسأل الله أن يُعينكِ على الخير، وأن يُلهمكِ السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً