الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتحمل الضغط وأنا أقوم بدور الأم والأب معًا؟

السؤال

تزوجتُ منذ خمس سنوات، ولديّ بنت، وزوجي مريض بالصرع، منذ زواجي وزوجي غير مقتدر ماليًا، مما دفعني لمشاركته هذا العبء، فبدأتُ بالعمل، وكنت أضع مالي كله في البيت، ولا أبخل بشيء، حتى مصاريف علاجه، على أمل أن يتحسن الوضع.

لكن الوضع ظلّ كما هو، بل ازداد سوءًا، فبسبب مرض زوجي، لا ترغب أي شركة في أن يستمر بالعمل لديها، كان ذلك يحدث على مدى سنة، أو سنتين، ثم يُترك العمل، ومؤخرًا أصبح كل شهر في عمل مختلف، وأحيانًا كثيرة بلا عمل، مما زاد عليّ تحمّل الكثير من الأمور المادية.

تعبتُ من هذا الأمر؛ لأنني أشعر أنني الأم والأب في البيت، أعلم أن الثواب عظيم إن صدقت النية، ولكن نفسي ترهقني بالتفكير: كيف سأدبّر هذا؟ كيف سأدفع ذاك؟

أصبحتُ أشعر أنني تحت ضغط سيظل ملازمًا لي ما حييت، حاولتُ أن أتكيف مع الوضع، ولكن ليس لديّ المرونة الكافية لفعل ذلك، لأعيش وأستمتع بالحياة، دائمًا يرفض عقلي تقبّل الوضع، وتقبّل أن أستمر في العيش هكذا، حتى أصبحت لا أدري ماذا أفعل.

هل أنا شخص سيء؛ لأنني لا أقدّر ظروف زوجي؟ لأنني لا أجد الرضا في قضاء الله لي؟ كيف أجد الطمأنينة في ظل هذه الظروف التي هي صعبة حتى على الرجال، فكيف تكون على النساء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ - ابنتَنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يتقبَّل منكِ هذا الجهد الكبير، وأن يُعينك على الاستمرار في صالح الأعمال، وأن يُعجِّل بشفاء هذا الزوج، وأن يكتب له ولكم الأجر وتمام العافية، وأن يُلهمكم السدادَ والرَّشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

نحن نُقدِّر الصعوبات التي أنت فيها، ولكن نُبشِّرك بأن الأجر أيضًا على قدر التَّعب، وأن ما تقومين به من أدوار عظيمة ثوابُها عظيمٌ عند الله -تبارك وتعالى- فتعوَّذي بالله من شيطانٍ يريد أن يُشوِّش عليكِ، ويريد أن يجلب لكِ الأحزان، همّ الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}.

فلذلك تعوذي بالله من شرِّه، واستمرِّي في الحياة، وكلَّما جاءك التفكير السّلبي فاعلمي أنه من عدوِّنا الشيطان، وأنه لا يُقدِّم ولا يُؤخِّر، فاحرصي على بذل ما تستطيعين من مجهودات، واجتهدي في علاج هذا الزوج، وفي تشجيعه على العمل الذي يستطيع أن يفعله، واقبلي ما يأتي منه، فإنَّه: {لَيْسَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}.

ونتمنى أن تجدي من المؤسسات الخيرية ومن الأخيار، ومن محارمك وأهل الزوج، مَن يُدرك أنك في حاجة لبعض المساعدة في بعض المواقف، ونسأل الله أن يُعينكم جميعًا على الخير.

ولا تُطيلِي التفكير في المستقبل، فإن المستقبل بيد الله - تبارك وتعالى - وأملُنا في الله كبير، فأكثري من اللجوء إلى الله، والتوكُّل عليه، والاستعانة به، وحَرِّضي زوجك أيضًا على أن يلجأ إلى الله - تبارك وتعالى - الذي بيده الشفاء والعافية سبحانه وتعالى.

وأنت بالعكس قمتِ بمجهود طيب، ولستِ بشريرة، بل أنتِ خيِّرة، ولكن الاستمرار على الخير يحتاج لمجاهدة، ويحتاج لمعاندة عدوّنا الشيطان، ويحتاج لطرد الوساوس السالبة، وممَّا يُعينك على النجاح والاستمرار تذكُّر الثواب العظيم الجليل عند الله - تبارك وتعالى - فهذا الوفاء الذي تقومين به، والجهد الذي تقومين به في خدمة الزوج المريض، وفي الإنفاق على الأسرة، لن يضيع عند الله تبارك وتعالى.

فأبشري بالخير، واحمدي الله الذي أعانك على العمل، وهيَّأ لك هذا الظرف، وأعانك على أن تكون هذه المساهمات الكبرى، ونسأل الله أن يُقرّ عينك بعافية هذا الزوج، وقيامه بأدواره، وأن يُصلح لنا ولكم النيّة والذريّة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً