الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتاة تقدم لخطبتها رجل مطلق ولديه ثلاث بنات، هل توافق؟

السؤال

أنا فتاة بعمر 25 سنة غير متزوجة، تقدم لخطبتي رجل في سن 37 سنة، مطلق له 3 بنات، سبب طلاقه من زوجته خلافات كبيرة في العائلة، وله الآن 5 سنوات منفصل عن زوجته، من أسلوب الكلام يتضح أنه إنسان مثقف ومحترم وذو إمكانية مادية جيدة جداً، وأنا في حيرة من أمري لا أدري ماذا أفعل؟ فلذلك أطلب الاستشارة.

مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الجوزاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث ما كان وأن يرزقك الرضا به، كما نسأله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً يكون عوناً لك على طاعته ورضاه وترزقين منه بذرية صالحة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد باستشارتك فإني أرى أن فارق السن معقول.. نعم هو ليس صغيراً ولكنه أيضاً ليس كبيراً وإنما هو في مرحلة الوسط وهذا ليس عيباً ولا يقدح إن شاء الله تعالى في الرجل.

أما عن كونه مطلقاً وله ثلاث بنات فأنت ينبغي أن تعلمي أنك ستتزوجين من له ثلاث بنات وهؤلاء البنات مسئولية كبيرة، وقطعاً هؤلاء سيكونن من مسئوليتك الأولى ومن مهامك الأولى، بعض الأخوات قد لا ترغب في أن تربي أبناء غيرها، خاصة وأنهم ليسوا أيتاماً وإنما أمهم موجودة وأنت لماذا تحملين مثلاً مسئولية بنات ليسوا بناتك، هذا كله وارد – جزاك الله خيراً – ولذلك أنا أتمنى أن تنظري في نفسك: هل لديك الاستعداد أن تقومي على تربية بنات فعلاً كما لو كانوا بناتك أم أنك لن تطيقي ذلك؟

قضية البنات أخطر وأهم من قضية أبيهم، فإن والدهم رجل كغيره من الرجال فيه الصفات نتكلم عنها - بإذن الله تعالى - أما قضية البنات - أختي الكريمة - ينبغي أن تكون في اعتبارك من الآن، وينبغي أن تنظري في خاصة نفسك وفي مكوناتك الذاتية، هل أنت لديك استعداد على أن يكون هؤلاء معك وقطعاً أبوهم سيحبهم ولعله أن يحنوا عليهم ويعطف عليهم بطريقة قد تثير غيرتك، فهل أنت لست من النوع الذي لا يغار الغيرة المفرطة أم أنت من النوع الذي غيرته طبيعية؟ هل تشعرين فعلاً بأن قلبك مفعم بالحنان والعاطفة تجاه أبناء الآخرين أم أنك لا تريدين أن تربي إلا أبناءك فقط؟ هل تقبلين برجل معه ثلاث بنات أم أنك تريدين رجلاً تعيشين معه وحده وتستمتعين به وحده؛ لأن هؤلاء البنات يشاركونك في أبيهم، لأنهم أقدم منك وهو أبوهم ومن المستحيل أن نقول له: تخلى عنهم؛ لأن هذا الكلام لا منطقي ولا شرعي ولا معقول، ولذلك ينبغي أن تنظري في هذه المسألة بتأنٍ وتفحص، ولذلك أتمنى أن تكثري من صلاة الاستخارة وأن تجتهدي في ذلك وأن تلحي على الله عز وجل أن يشرح صدرك للذي هو خير؛ لأن الوضع - أختي الكريمة – غير طبيعي، فلو أنه جاءك وحده لهان الأمر، ولكن جاء ومعه هؤلاء البنات وهو مسئول عنهم ويصعب أن يتخلى عنهم وقد يكونون متعلقين به، وبعض النساء لا تتحمل هذا الأمر وقد تنكر هذا الشيء ولا تستطيع أن تتأقلم معه، فأنت أدرى بحالك - بارك الله فيك – هل لديك استعداد لذلك أم لا؟

ثانياً: أتمنى أيضاً أن تبحثي مسائل الخلاف التي أدت إلى انفصال زوجته عنه، هل العيب من قبله أو من قبلها؟ هذا لا يمكن أن تسألينه لأنه لن يجيبك بشيء وقد يجيبك بشيء ليس هو الحقيقة، وكذلك زوجته قد تكون مغرضة لأنها تريد أن تشوه صورته وأن تسيء إلى سمعته، ولكن من الممكن أن يُسأل الأقارب أو الجيران أو بعض الأصدقاء والمعارف الذين عاشوا السبب، لعل أن يكون السبب منه وأنت لا تشعرين، وبذلك يكون مصيرك مصير الأخت السابقة، ولذلك أتمنى أن تعرفي.

ثالثاً: على ذلك هل هذه الخلافات أو هل هذه العيوب الموجودة فيه عيوب تسير مع الحياة أم يصعب التفاهم والتأقلم معها؟ فأحياناً قد يكون الرجل بخيلاً أو شكاكاً أو قد يكون الرجل أنانياً أو قد يكون الرجل متغطرساً متكبراً، أو قد يكون فيه أمراض لا تبدو من كلامه ولكنها تتكشف مع معايشة من يعيش معه.

أيضاً أتمنى أن تسألي عن أخلاقه لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، وأنت لم تتكلمي عن دينه - بارك الله فيك -وإنما ذكرت فقط أنه إنسان مثقف ومحترم وذو إمكانات مادية، فأين دينه؛ هل هو من أهل الصلاة؟ هل هو من أهل المساجد؟ هل هو من أهل الطاعة والعبادة؟ هل هو يعظم شرع الله ويعظم دين الله؟ هل يقع في المحرمات؟ هل هو مدخن؟ هل يتناول أشياء محرمة أخرى؟.. هذا الكلام كله لم تتكلمي عنه. هل هو إنسان متواضع؟ هل هو إنسان محبوب بمن يتعامل معه؟ لأن موضوع مثقف ومحترم وذو إمكانيات مادية جيدة هذه ليست عوامل ديمومة في الحياة الأسرية، الحياة الأسرية تقوم على عنصريين أساسيين ولا نغفل بقية العناصر، ولكن هذه أهم العناصر (الدين والخلق)، فإذا كان يتمتع بهاتين الصفتين فاستعيني بالله بعد أن تدرسي موضوع بناته دراسة متأنية وأن تقفي على أسباب الخلافات التي أدت إلى انفصاله عن زوجته لاحتمال أن يكون العيب فيه هو ولذلك نصل مرة أخرى إلى نفس النتيجة.

فأتمنى ألا تتعجلي وأتمنى أن توسعي دائرة المعلومات والبحث عنه بحثاً دقيقاً وحثيثاً لأنك ستتزوجين برجل له خبرة وعاش مع امرأة ويعرف النساء ويعرف أحوال النساء ويختلف عن شاب ليست له خبرة سابقة، فإن أقل شيء يكفيه، أما الرجل المجرب يحتاج إلى مواصفات خاصة، وهل يا ترى هذه المواصفات فيك أم لا؟

أتمنى أن تستخيري وأن تدرسي الموضوع دراسة جيدة وأن تقلبيه من جميع أحوالك، ولا مانع أن تكثري السؤال عنه في بيئته وفي محيط عمله ومع زملائه وأقرانه حتى تطمئني إلى مدى صلاحيته وقدرتك على التأقلم والتفاهم معه.

وبلا شك تربيتك لبناته أجر عظيم وثواب كبير ولكن هل أنت تصلحين لذلك أم لا؟ علم ذلك عند الله، وهذا سوف ينكشف لك بعد الاستخارة - بإذن الله تعالى -.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.
والله ولي التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • هالة الأزرق

    الطلاق ظروف وليس عيب لكن اعرفى الاسبام .مهم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً