الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول فتاة الزواج بابن خالها الذي يدخن ولا يلتزم بالصلاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
آبائي وإخواني الأعزاء، أرجو منكم أن تساعدوني في هذه المسألة فقد تعبت من التفكير فيها ولا أجد أحداً أثق به غيركم كي يساعدني ويدلني على الصواب.

قصتي أنني منذ كنت في الصف العاشر تقدم ابن خالي لخطبتي حيث تكلم مع أختي الكبيرة كي تأخذ رأيي وأنا رفضت وقلت: أريد الدراسة ولا أفكر في هذا الموضوع، لكنه لم ييأس وظل يبعث لي في نفس الموضوع، فقد بعث بنت خالتي كي تقنعني مرات عديدة وأنا كنت أرفض، والآن بعد أن مرت خمس سنوات تقريباً عاد من جديد، ويقول: إنه لا يريد غيري، وإنه يحبني وسيفعل كل ما أريده وإنني كل حياته، مع العلم أنني والله لا أعلم كيف أحبني وهو لا يراني إلا كل عدة سنوات وفي المناسبات فقط؟! ويريد على الأقل أن أقبل أن أكلمه كي يعرف مني ما الذي لا يعجبني فيه ويصححه.

المهم بعد عدة مرات قبلت أن أكلمه على الإيميل بدون علم أهلي، أما أنا فالذي يمنعني من الموافقة عدة أشياء أولها أنني كنت أتمنى أن يكون زوجي متديناً وملتزماً وهو ليس كذلك، بالإضافة إلى أنه يدخن لكني عندما كلمته قلت له ذلك ووعدني أنه سيقلع عن التدخين ويلتزم بالصلاة، بالإضافة إلى أن شكله لا يعجبني كثيراً، فهل إذا التزم بما قال أوافق عليه أم لا؟

والحقيقة الآن أنا أكلمه على الجوال، وبصراحة أشعر بالشفقة عليه وأشعر أنني بدأت أتعلق فيه، فأرجو منكم أن تساعدوني قبل أن أفعل شيئاً خاطئاً أندم عليه.

وبصراحة إنني أخاف الله وأعلم أن كلامي معه بحد ذاته خطأ لذلك لا أريد أن أتمادى معه، وأريد مساعدتكم كي أقول له رداً نهائياً إما أن يخطبني أو أن أنهي كلامي معه وأستغفر الله، وهذا ما سيكون بالحالتين بإذن الله.

(مع الملاحظة أنه لا يحاول أن يقول لي ما يضايقني منه مثل الغزل أو ما شابهه وإذا قال أمنعه).

وهل الشكل ضروري لكي أحبه في المستقبل إذا قبلته زوجاً لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – من أن ابن خالك قد تقدم لخطبتك فتكلم مع أختك الكبيرة وأن هذا الموضوع قد توقف الحديث فيه عدة سنوات، ثم بعد أن مرت خمس سنوات تقريباً عاود الحديث مرة أخرى وعرض عليك أنه على استعداد أن يفعل أي شيء تريدينه، وطلب منك بيان ما الذي لا يعجبك فيه حتى يصححه، وبعد عدة مرات من المحاولات قبلت أن تتكلمي معه ليعرف منك ما الذي يعجبك وما الذي لا يعجبك.

أقول لك - بارك الله فيك – كون الأخ غير ملتزم وعلى استعداد أن يلتزم فلماذا لا تعطيه فرصة ليلتزم التزاماً صحيحاً ابتغاء مرضاة الله تعالى، على أن تبيني له أن هذا الالتزام إنما هو لله جل وعلا، وأنه إذا أخلص في نيته لله تعالى فإن الله قادر على أن ييسر أمره وأن يجمع بينك وبينه على خير، وأن يكون التزامه ليس من أجلك؛ لأن التزامه من أجلك سيحرمه الأجر، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كنت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).

فحاولي أن تبيني له ذلك - بارك الله فيك – وقولي له (دعنا نخلص النية لله تعالى، وإخلاص النية معناه أنك تلتزم لله تعالى).

أول شيء: ترك التدخين.

ثانياً: المحافظة على الصلاة في أوقاتها.

ثالثاً: أن يبدأ مثلاً في حفظ القرآن الكريم ولو بمعدل آية أو آيتين أو ثلاث آيات يومياً.

رابعاً: أن يبدأ في حضور المحاضرات والندوات ومجالس العلم التي تُعقد في بلادكم.

خامساً: أن يبدأ دراسة بعض الكتب في الفقه مثلاً كالطهارة والصلاة ليعرف أحكام دينه، وأن يقرأ بعض الكتب أو الكتيبات في العقيدة ليتعرف على الله تعالى.

وقولي له: (نحن أمامنا فرصة – مثلاً – لمدة عام، بعد ذلك - إن شاء الله تعالى بإذنه عز وجل – إذا وجدت أنك فعلاً قد منَّ الله عليك بالالتزام والصلاح والاستقامة فأنا لن أتردد - بإذن الله تعالى – في قبولك).

أعطيه مهلة - بارك الله فيك – وقولي له: خلال هذه الفترة لن نتكلم معاً، ولكن أعدك - إن شاء الله بإذنِ الله تعالى – أنك إن استقمت على منهج الله تعالى وتحسنت علاقتك مع الله تعالى أنني سأكون لك ولن أقبل بأحد سواك.

وقولي له أيضاً: خلال هذه الفترة أنا من الممكن أن أعدك بأنني لن أقبل بأي أحد حتى يمر هذا العام شريطة أن تلتزم التزاما صادقاً والتزاما جاداً ليس من أجلي وإنما لأن هذا هو الواجب عليك.

وأعطيه مهلة، وإذا كان صادقاً ويحبك فعلاً فإنه قطعاً سيلتزم، وأعتقد أنه سوف يتحسن، وأعتقد أنه بتحسين علاقته مع الله والمحافظة على طاعة الله وصحبة الصالحين وحضور مجالس العلم وقراءة القرآن الكريم، كذلك أيضاً شيء من الفقه والعقيدة كما ذكرت كشيء أساسي في حياة المسلم، أعتقد أنه سوف تتغير نظرته إلى الحياة، وبالتالي سوف يتحسن إلى حد بعيد ويكون أهلاً لأن يتزوجك.

أما بالنسبة لشكله فما دام ليس ذميماً فأرى أن قضية الشكل مسألة بسيطة؛ لأنه ما دام عادياً فغالب الناس أو السواد الأعظم من الناس عاديون، وأنت تعلمين أن نسبة الجمال في الرجال والنساء ليست كبيرة، فهي نسبة مثلاً نستطيع أن نقول عشرة أو عشرين بالمائة من الخلق على قدر من الجمال ملفت، وبقية الناس عاديون والجمال متناسب، ولكن في الغالب الرجل أيضاً ما دامت أخلاقه حسنة وما دام لديه القدرة على الإنفاق على أهله وعلى كفايتهم مادياً، وما دامت صحته طيبة يستطيع أن يقوم بواجباته الشرعية وما دام عقله متزنا، فأعتقد أن قضية الشكل أمر بسيط.

أما كونه لا يعجبك كثيراً فأنا أقول ما دام ليس ذميماً فلا أعتقد أنها عقبة أو مشكلة؛ لأن غالب الناس في الغالب هذا وضعهم الطبيعي، وما دام وضعه طبيعياً فأرى أنه لا يرفض بسبب هذا الأمر.

وبإذن الله تعالى لعل الله أن يجعل هدايته على يديك، فتكونين أنت سبباً في هدايته فتأتي أعماله كلها في ميزان حسناتك، وبذلك يكافئك الله عز وجل بالزواج منه، نتيجة حرصك على أن يكون ملتزماً بشرع الله أولاً، وأنت تعلمين أن هناك بعض الزيجات من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام جعلت مهرها الإسلام، فلما أسلم الصحابي تزوجها، وكان يقدم لها أموالا كثيرة فكانت تقول (أنا مهري الإسلام)، ولذلك كان هذا أغلى صداق في الدنيا كلها إلى هذا اليوم، ولم يُدفع فيه درهم ولا دينار، وإنما كان المهر فقط شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

كذلك أيضاً بعض النساء كان يُعرض عليهم الزواج وهم في مكة، فكانوا يقولون (من أراد أن يتزوجنا من الرجال فليهاجر مع النبي - عليه الصلاة والسلام –) وكان الرجال يهاجرون فعلاً.

ولذلك أقول: من الممكن أن تشترطي عليه هذه الشروط، وتقولين له: (إن شاء الله تعالى بعد عام موعدنا حتى أكون أنا أيضاً قد قطعت شوطاً في الدراسة، وأعدك أني لن أتردد في قبولك ما دمت ستكون من عباد الله الصالحين)، وبذلك أنت لن تقعي - إن شاء الله تعالى – في أي خطأ من حيث الكلام، وهو سيكون مطمئناً وسوف ينطلق إلى الطاعة والعبادة وطلب العلم، وبعد عام أعتقد أنه سيكون قد تغير كثيراً - بإذن الله تعالى – وأصبحت نظرته إليك تختلف عن نظرته إليك الآن.

أسأل الله تعالى أن يجعلك سبباً في هدايته، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقه وأن يأخذ بناصيته إلى الحق، وأن يعينه فعلاً على طلب العلم الشرعي والتزود بالأعمال الصالحة، وأن يجمع بينك وبينه على خير، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً