الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوصي إذا كبر سنه وتراجعت ذاكرته

السؤال

قصة والدي مع يتيم جار له.. هذا اليتيم توفي والده وأوصى والدي به وعلى رعايته والاهتمام بشؤونه، اليتيم الآن في سن ما يقارب الأربعين عاما ولكنه بعقلية غير متزنة، اهتم به الوالد حيث إن اليتيم له مدخول شهري من الحكومة وأبي هو المسؤول عن التصرف في هذا الدخل حيث إن ثلث الدخل ينفقه عليه أي اليتيم وعائلته مع العلم بأن للعائلة مدخولا آخر، أما الثلثان المتبقيان فيجمعها له في حساب بنكي منذ أكثر من 10 سنوات حيث ترتب عن هذا التجميع مبلغ لا بأس به، المشكلة الآن يا إخواني أن لليتيم أما غير مهتمة به حيث إنها تسعى وراء المال المجمع وأبي كان السد الحائل بينها وبين هذا المال وخوف أبي من أن تهدر هذا المال ولا يجد هذا اليتيم غير المتزن عقليا ما يشد به سنين عجزه، وأبي يعتبر أن المال المجمع هذا أمانة في عنقه، ولكن أبي الآن في عمر 84 عاما وبدأت ذاكرته تتراجع بشكل كبير وخوفي أنا الآن أن يأخذ الله أمانته ويتوفى والدي ويضيع مجهود السنين في توفير المال لليتيم، وخوفي ليس هنا فأجر والدي عند الله وهو غير ضائع ولكن الخوف مما سوف يصيب اليتيم في حالة تصرف والدته في أمواله وسبق أن تم تجربتها ولم تكن تحافظ على أمواله، فأرجو منكم العون في هذا الموضوع حيث إن خوفي من الأمانة وهي في عنق والدي أن أتحملها أو نوكلها لشخص آخر فيهدرها بشكل أو بآخر، فما العمل فأنا بين نارين نار أموال اليتيم غير الراغب في تحملها ونار خوفي على جاري اليتيم ومستقلبه مع والدته؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته عن هذا الشخص الذي هو تحت وصاية أبيك من عدم اتزان في عقله، يجعله لم يعد بعدُ مؤهلا لأن يُعطى أمواله. قال تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا {النساء:6}، ومفهوم: آنستم منهم رشدا مفهوم شرط، يعني أنكم إذا لم تأنسوا منهم رشدا فلا تدفعوا إليهم أموالهم.

وأبوك إذا كان هو الموصى على الشخص المذكور فإنه يكون هو الأحق بالولاية عليه. قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: والولي الأب... ثم وصيه وإن بعُد... ثم حاكم...

ولكن بلوغ أبيك السن التي بينتها، وما ذكرته عنه من أن ذاكرته بدأت تتراجع بشكل كبير... يجعله لم يعد مؤهلا للقيام بأمر مكفوله. ومن ثم فإن أمر ذلك الشخص ينتقل إلى الحاكم ليتولى أمره أو يقيم له مقدَّما يتولى ذلك.

وعليه، فواجبك أنت الآن هو أن ترفع أمر جاركم إلى القاضي الشرعي في البلد الذي أنتم فيه، وإذا أقام له شخصا يتولى أمره فإن من واجب أبيك أن يسلم له جميع ممتلكاته، وتنتهي مسؤوليته عنه. وهو مأجور –إن شاء الله تعالى- بما قام به من وصاية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني