الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول معاملة من زنى ثم تاب

السؤال

كل عام وأنت وجميع القائمين على موقع الفتاوى بألف خير للعام الهجري الجديد أسأل الله تعالى، لكم المزيد من التوفيق في الرد على أسئلة السائلين وعدم التهاون في الردود وعندي ملاحظة ربما لا تقبلونها وتعتبرونها من التعصب عندما أقرأ بعض الفتاوي والجواب للأسف أرى أنكم تتهاونون في الجواب وتميلون إلى التسامح والعفو والتجاوز عن أخطاء المخطئين مثلا فيمن يرتكبون جريمة الزنا صحيح أن ديننا دين حنيف يدعو إلى العفو والتسامح ولكن ليس مع كل جريمة مثلا فيمن تزني زوجته مع غيره وتقولون له سامحها واعف عنها لا تطلقها وأمسكها بالتي هي أحسن بل هي في نظري تستاهل الشنق وليس فقط الطلاق بل واجب الطلاق في حقها فما رأيكم في إفتائي، وأنا لست مفتية ولا عالمة في الدين ولكن أتمنى أن أكون كذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا نشكرك على الاتصال بنا، وعلى حرصك على سلامة المجتمع وطهارته من الفساد الأخلاقي، ونرحب بالملاحظات التي توجه لنا دائماً، ونفيدك بأن فتاوانا وتوجيهاتنا نصدرها انطلاقاً من كوننا دعاة مرشدين إلى الخير والصلاح والتوبة لا من حيث إننا أصحاب سلطة تعاقب المجرم، وبما أن أغلب من يستفتينا أشخاص من طبقات المجتمع ليست لهم سلطة فإنا نعطيهم التوجيه المناسب لهم وهو السعي في إصلاح أسرهم بما يستطيعون من تربيتهم العقدية والتعبدية وحضهم على استشعار المراقبة إلى غير ذلك مما يساعد المخطئ على الإنابة إلى الله والاستقامة على طاعته، ولا نرشد الشخص العادي لتطبيق حد الجلد ولا حد الرجم على الزاني البكر أو المحصن لأن الحدود لا يقيمها إلا السلطان أو نائبه، ولو أقامها غيرهما ربما تنشأ بسبب ذلك مشاكل أعظم ضرراً مما حصل سابقاً.

ثم إن المتأمل لهدي النبي صلى الله عليه وسلم مع العصاة يلاحظ أنه كان يتلطف بالتائب ويخبر بتوبة الله عليه لو أقيم عليه الحد، ويشتد في أسلوبه على من يخشى منه حصول الخطأ كأنه يريد بذلك الزجر للناس وقمعهم عن الوقوع في الذنوب، ومن أمثلة ذلك ما حصل في شأن ماعز فإنه لما زنى بعد إحصانه تألم من ذنبه وسعى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يطهره، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه، ثم تثبت منه هل وقع فيما يوجب الحد، ثم أقام عليه الحد، ثم خاطب الناس خطاباً شديداً في هذا الشأن وهددهم فخطبهم فقال كما في صحيح مسلم: أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به.

وأما ماعز فقد سألهم الاستغفار له وأخبرهم بتوبة الله عليه، ونحن كذلك نبشر من استفتانا وأخبر أنه وقع في الفاحشة نبشره بفتح باب التوبة ونعطيه الوسائل المساعدة على التوبة والتخلص من هذا الذنب الشنيع ونذكر له الوعيد الشديد المترتب عليه، كما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72497، 96257، 30425، 30215.

ولو أخبرنا رجل أن زوجته فعلت ذلك فلا نأمره بقتلها لأن قتلها ليس من صلاحيته، وإنما هو من صلاحية السلطان، ونطالب بالستر لأن تستر المسلم على نفسه أفضل من إخبار السلطان بذنبه ليقيم الحد عليه، وأما الزوج فإن كان علم أنها تائبة فنفضل له إمساكها وسترها، وأما إن كانت مصرة على المعاصي فنحذره من الدياثة والسكوت على ذلك، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93207، 94291، 36189، 25475، 79325.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني