الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التسوية بين الذكور والإناث في العطية

السؤال

لي من الأبناء أربعة بنين وأربع بنات، أربعة منهم تخرجوا من الجامعة وثلاثة في الجامعة والأخيرة في الثانوية.
ولدي من الأسهم (إذا ما تم بيعهم) ما يكفى لتجهيز كل بنت مثلا بثلاثين ألفا وكل ولد بخمسين ألفا.
بالنسبة للبنات قد تكون الثلاثين ألفا كافية للمساعدة في تجهيزها في حدود العرف وهو مثلا نصف التأثيث حيث يتكفل المتقدم لها بالنصف الآخر بجانب أن عليه توفير المسكن اللائق.
أما بالنسبة للولد فسوف تكون الخمسين ألفا له غير كافية حيث إن علية الشبكة ونصف التأثيث والشقة
وهنا تكمن المشكلة الكبرى للولد حيث إنه أمام خيارات ثلاثة:
1- إما الإيجار الجديد وهذا ما يرهقه وقد يرفضه كثير من أهالي البنات.
2- وإما الإيجار القديم وهذا أيضا قد يستنفذ منه المبلغ المتاح له ويبقى أمامه مشكلة نقص في السيولة للشبكة والتأثيث.
3- وإما التمليك وهذا بالطبع أفضل الحلول حتى يستقر في حياته كما استقر حال أخواته من البنات ولكن هذا يحتاج على الأقل لكل ولد مائة وستين ألفا لشراء شقة ونصيبه من التأثيث والشبكة وخلافه
في هذه الحالة سيدي قد ألجأ إلى بيع منزل لي بالريف يوفر لي أن أساعد جميع الأبناء كل بحاجته بل ويتبقى الكثير كذلك.
السؤال فهل أكون قد عدلت في القسمة السابقة إذا أنفقت على زواج الولد مائة وستين ألفا تزيد أو تقل حسب المتاح وأنفقت على زواج البنت ثلاثين ألفا تقل أو تزيد حسب المتاح كذلك.
أم إنني يجب أن أخصص لكل بنت بعضا من المال يقربها قليلا من نصيب أخيها أو يساويها بنصيب أخيها أم ماذا؟ ما الحل الشرعي السليم الذي يجعلني أعدل بين أولادي وأرضي الله أولاً وقبل كل شيء وكذلك أرضي أولادي وأوسع عليهم مع العلم أنهم جميعم يتقبلون أي رأي مادام فيه مرضاة الله ومادام لا يوقعني في مسائلة عدم العدل في العطايا أو الهبات أو النفقات
ملحوظة:
الأم مطلقة ( أقصد لا يوجد من يشارك الأولاد فى شيء.... كما أنني يمكن أن أحتفظ لنفسي بجزء من المتبقى.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

تجب التسوية بين الأولاد في العطية إلا أن يكون لتفضيل بعضهم على البعض وجه شرعي. والمرجح في كيفية التسوية أن تتساوى الأنثى مع الذكر.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن نحيلك إلى أقوال العلماء في حكم تزويج الأبناء، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 27231.

كما ننبهك إلى أن الشرع ليس فيه ما يسمى إيجارا قديما وإيجارا جديدا، بل الصحيح أن الإجارة عقد يتفق عليه طرفان على استغلال منافع في زمن محدد بأجرة محددة. وإذا لم تحدد مدة العقد اعتبر ذلك مشاهرة، وكان من حق كل من المتعاقدين أن يفسخ العقد متى أراد ذلك بشرط ألا يتم الفسخ وسط الشهر دون إذن من الطرف الآخر ويجوز في آخر كل شهر ولو بدون إذن.

وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن التسوية بين الأبناء في العطية واجبة على الآباء؛ لما ثبت في ذلك من السنة الصحيحة.

ويباح للأب أن يفضل بعض الأبناء في العطية على بعض إذا كان لذلك موجب، كأن يحتاج الولد ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك.

وكيفية التسوية بين الأولاد قد اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال إن العدل أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وقال البعض الآخر يسوى بين الذكر والأنثى، وهذا القول الأخير هو الأظهر إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء" أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.

وعلى هذا الحال يمكنك أن تقيس حال أولادك وبناتك، فأنت الأدرى باحتياجاتهم وقدراتهم، وبما تستطيعه أنت من البذل لهم ما داموا جميعا بالغين رشداء فالذي نشير به هو أن تجمعهم وتستشيرهم في الأمر وتطلعهم على حقيقة الأمر فمن تنازل منهم عن حقه في التسوية وعلم أن ذلك وقع منه طواعية وبطيب نفس فلا حرج في الأمر في حقه مادام بالغا رشيدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني