الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستفادة من الراتب التقاعدي من الجمارك

السؤال

الشيخ الفاضل. أبي يتقاضى معاش تقاعد من عمله بالجمارك، و بعد علمي بعدم جواز العمل لدى الجمارك، هل يجوز لي الاستفادة من ماله؟ و هل أستطيع الوضوء بالماء الذي يسدد مبلغ فاتورته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا أن الأصل في الجمارك الحرمة، إلا إذا كانت في مقابل خدمات تؤدى لجالبي البضائع فتفرض على قدر تلك الخدمات، أو كان في موارد الدولة ضعف فتفرضها على قدر وفائها بمصالح رعاياها (راجع الفتوى رقم: 30305.

وكذلك سبق أن بينا أن واقع التحصيل الجمركي في أغلب البلدان -إن لم نقل في كلها- هو أنه أخذ لأموال الناس على غير الوجه الشرعي، وهو من المكوس الممنوعة شرعا. راجع الفتاوى ذات الأرقام:27254، 7489، 8097

وعليه، فيجب النظر في حال والدك، هل له مصدر مالي غير معاشه هذا أم لا ؟ فإن لم يكن له مال غير المال المستفاد من العمل في الجمارك ولم يغلب على الظن أن رواتبه كانت في مقابل خدمات مشروعة فلا يجوز لك أن تنتفع بشيء من ماله. وإن كان ماله مختلطا بين الحلال والحرام، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الذين غالب أموالهم حرام مثل المكاسين وأكلة الربا وأشباههم.. فهل يحل أخذ طعامهم بالمعاملة أم لا.

فأجاب: الحمد لله، إذا كان في أموالهم حلال وحرام ففي معاملتهم شبهة لا يحكم بالتحريم إلا إذا عرف أنه يعطيه ما يحرم إعطاؤه، ولا يحكم بالتحليل إلا إذا عرف أنه أعطاه من الحلال، فإن كان الحلال هو الأغلب لم يحكم بتحريم المعاملة، وإن كان الحرام هو الأغلب، قيل: بحل المعاملة. وقيل: بل هي محرمة (مجموع الفتاوى 29 / 272).

وأقرب ما يكون عليه مال أبيك في هذه الحال هو أنه من الشبهات التي ورد الأمر باتقائها.. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ.. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ والنسائي وأحمد وصححه الألباني (الإرواء 12، 2074).

وقد سبقت بعض الفتاوى عن التعامل مع صاحب المال الحرام: 6880، 69047، 66661، 59165، وفي حكم أخذ عطية الوالد إذا كانت من عين مال حرام : 31686، 74647.

وما قيل في مال أبيك في عمومه يقال في الماء الذي تسدد فاتورته من هذا المال.

كما أن ما ذكر من التحريم هو في حال الاختيار، وأما إذا اضطررتم إلى هذا المال ولم تجدوا غناء عنه فإنه يجوز لكم الانتفاع به بحسب الضرورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني