الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوج من زوجته التي تطلب الخلع بسبب رغبته في التعدد

السؤال

فضيلة الشيخ... تزوجت من 18 سنة ولديها طفل كان عمره حوالي 8 سنوات عاش معنا ومع أبيه حتى بلغ سن الرشد وعاش معنا ويعلم الله أني اعتبرته مثل ابني وأخي وصديقي لم أقصر معه أو مع زوجتي بأي شيء من أمور الحياة, كبر ونشأ بيننا وتزوج ورزقه الله بطفله والحمد الله على كل حال، لم يرزقني الله بالخلف من زوجتي عملت تحاليل وأخبرني الطبيب بأني سليم والحمد الله على كل حال، قبل عدة سنوات أصيبت زوجتي بمرض الخبيث الورم وتم استئصاله والحمد لله على كل حال, وأخبرني الطبيب بأن زوجتك تحتاج لعلاج الكيمياوي بعد العملية ولكن الكيمياوي يمنع الزوجة من الإنجاب إلا بإردة الله, استشرت زوجتي بذلك وأقنعتها بقول الله تعالى: "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"، وقفت معها ولم أتخل عنها استلفت مبلغا لكي أعالجها، وتم علاجها ولله الحمد، في أكبر مستشفى بجدة مستشفى الملك فيصل التخصصي ولا زلنا نراجع حتى الآن.... فضيلة الشيخ عمري الآن 41 سنه وأتمنى الأطفال أفرح بهم أخبرت زوجتي بأني أرغب بأن أتزوج رفضت صبرت بعد ذلك حاولت إقناعها ولكن أخبرتني إذا تزوجت تطلقني أخبرتها بالحديث النبي صلى الله عليه وسلم (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) رواه الترمذي وغيره، فضيلة الشيخ تقدمت بطلب الزواج من إحدى قريباتي وتمت الموافقة ولله الحمد، علمت زوجتي بذلك وعند غيابي خرجت من منزلي بتاريخ 1/ 5/ 1429 هـ بدون علمي وبدون رضاي لا أعلم هل ذهبت بيت ابنها أو بيت أخيها, بعد ذلك عرفت أنها في بيت أخيها وقد حاولت الاتصال عليه ولكن بدون جدوى، أخبرني ابنها بأن والدته ترغب الطلاق أو الخلع ولا ترغب العيش معي وهي تكرهني، وبعد ذلك سألت ابنها عن زوجتي أين هي أخبرني بأن والدته ذهبت عند أختها في أبها كيف تسافر والدتك بدون علمي أو رضاي، قال لي بأن والدته تقول هي طالبة الطلاق وتذهب محل ما تريد وليس لي الحق بأن أمنعها من ذلك، فهل يحق لها ذلك؟ فضيلة الشيخ لا أعلم من أخبرها بأنه تطلب الخلع بدل الطلاق لأنني لن أطلقها أخبروها بأن الشرع يخلعك من زوجك عندما تقولين أنك تكرهينه ولا ترغبين العيش معه سوف يخالعك القاضي حتى لو رفض زوجك... فضيلة الشيخ إني أعرف أسلوب زوجتي في الكلام عشت معها 18 سنة، لكن حسبي الله ونعم الوكيل على من يسلطها علي، ويخرب عليها حياتها. فضيلة الشيخ إنني لم أقصر معها بأي حق من حقوقها بشكل عام والله يشهد على في ذلك وإنني أحبها ولا أرغب في الطلاق ولا الخلع، فضيلة الشيخ زوجتي طالبة لكي ترجع بيتها التنازل عن محتويات الشقة وتسجيل عقد الإيجار باسمها فهل يعقل ذلك؟ وبعد التنازل على العقد مصممة بالتقدم إلى المحكمة طالبة الطلاق أو الخلع فضيلة الشيخ هي تعلم أني أحبها ولا أستطيع الابتعاد عنها.. فضيلة الشيخ هل يحق لها بعد ذلك طلب الخلع؟ وهل يجبرني الشرع بالموافقة على طلبها بدون رضاي، فأفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن زوجتك قد انتابها نوبة من الغيرة المذمومة حملتها على أن ترفض زواجك بأخرى، ولو استلزم ذلك أن تضحي بحياتها معك، ولها نقول: إن الزواج بثانية وثالثة ورابعة أمر أباحه الله للأزواج طالما قاموا بشرطه وهو العدل: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً {النساء:3}، وتعديد الزوجات مباح ولو بلا سبب، فكيف والسبب موجود وظاهر وهو تحقيق مقصد الشرع من تكثير النسل، وأنا أنصح هذه المرأة بتقوى الله عز وجل، وألا تقدم على ما يكرهه الله من طلب الطلاق من غير بأس.

وأما بالنسبة لطلبها الخلع فإن كانت صادقة في كونها تكرهك فالشرع يعطيها الحق في أن تفتدي نفسها منك كما تدل له قصة ثابت بن قيس الثابتة في الصحيحين، وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل الحديقة ويفارق زوجته، وإن كانت كاذبة فيخشى أن تدخل تحت وعيد النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. صححه الشيخان أحمد شاكر والألباني.

وعلى كل فهي إذا رفعت أمرها إلى القاضي فهو يحكم بما يظهر له وفق الشرع، وأما خروجها من بيتك بلا إذن ومن غير ضرر عليها في البقاء فهو منكر عظيم، وكذلك سفرها وطلبها للطلاق لا يسوغ الخروج من غير إذن، وليس لها أن تشترط عطاء شيء في مقابل رجوعها إلى البيت، وقد أجمع العلماء على أنه يجب على المرأة لزوم بيتها وألا تخرج منه إلا بإذن زوجها، فعليها أن تتوب إلى الله وتراجع الصواب في ذلك، وأما إذا أصرت على موقفها فاصبر على ما قدره الله، وسل الله أن يعوضك خيراً منها، وإن كنت تحبها فإن الأيام والليالي - مع مجاهدة النفس والاستعانة بالله- تذهب بما تجد في نفسك من حبها، وأما قرار الزواج بأخرى رجاء إنجاب الولد فهو قرار صائب إن شاء الله تعالى فلا تعدل عنه، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يقدر لنا ولك الخير حيث كان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني