الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المطلوب من المسلم عند وقوع البلاء

السؤال

بارك الله فيكم على موقعكم الإيماني هذا وعلى ما تبذلونه من جهود لمساعدة الآخرين ولإعلاء كلمة الحق. أسال الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
مشكلتي تمس وللأسف عقيدتي. قبل سنتين تقريبا، انخرطت في عمل جديد أثر على التزامي بأداء صلاتي وبمواقيتها. أتوقع أن هذا هو ما سبب مشكلتي مع إنني والحمد لله تبت وبدأت التزم من جديد بالصلاة.
مشكلتي هي: كلما تصيبني مصيبة أو مشكلة، أحزن وأغضب في داخلي وبصورة تلقائية تنتابني فكرة أن من سبب هذه المصيبة أو المشكلة لي هو الله تعالى ثم أبدا بالتفكير بأن الله قد لا يحبني ولهذا السبب ابتلاني بهذه المشكلة أو تلك. على سبيل المثال أنا أعاني من التأتأة منذ زمن طويل وكلما أحرج أمام مجموعة من الناس أحزن حزنا شديدا وأبدأ بالتفكير في داخلي: لماذا ابتلاني ربي بهذا المرض المزعج من دون كل معارفي؟ لماذا لا يشفيني منه وأنا أسأله ذلك لأكثر من 10 سنين؟ لماذا...؟
في بعض الأحيان تحصل لي مشكلة في العمل سببها إهمالي فقط، إلا أن الغريب والمضحك في الأمر أن نفس الفكرة تنتابني وأبدأ بالتفكير أن الله تعالى قد سيرني لتحصل لي هذه المشكلة؟
ومما يزيد في مشكلتي هذه أن المصائب والمشاكل التي لدي كثيرة جدا وأكثرها بسبب أنني عراقي مهجر بسبب الحرب في بغداد!
في الحقيقة أنا أحزن على هذه الأفكار السيئة أكثر من حزني على مشاكلي ومصائبي، لأنها تؤثر على إيماني وعى علاقتي بالله عز وجل كثيرا. في بعض الأحيان، أجلس أفكر بهدوء وبعقلانية وأتوصل إلى نتائج طيبة بأن الحياة فيها الحلو وفيها المر وما هي إلا طريق للآخرة وان الله عز وجل يبتلينا أحيانا ليختبر إيماننا وليطهرنا من الذنوب وأن هناك من البشر ومن المؤمنين ممن ابتلوا بمصائب أكبر بكثير من مصائبي إلا أنهم صابرون. ألا أنني وبعد مرور فترة أنسى كل ذلك وتنتابني نفس الأفكار السيئة من جديد.
هل أن أيماني قليل جدا لهذا الحد؟ كيف أتجاوز هذه الأفكار؟ لي صديق ابتلي بمصيبة كبيرة جدا إلا أنه يقول والأيمان يملأ وجهه: الحمد لله... إنا لله وإنا إليه راجعون. كم أتمنى أن أصبح مثله!
أرجوكم أن تساعدوني في حل مشكلتي هذه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أنك تعلم أن هذه الدنيا دار اختبار وابتلاء وامتحان، كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ً {الملك:2}. وقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ { الأنبياء:35}.

والمؤمن يوقن أن ذلك كله له فيه الخير عند الله تعالى، ورفع درجاته في الآخرة، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كان له بها أجر.

وقال صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.

ولذلك فإن عليك أن تبعد عن نفسك الأفكار الفاسدة، وتعلم أن الله تعالى لا يفعل بعبده المؤمن إلا خيرا، علم ذلك أو لم يعلمه؛ فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط .

والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو تقوية إيمانك وزيادته بزيادة ذكر الله تعالى والثقة به، والمحافظة على ما افترض الله تعالى وزيادة أعمال الخير والطاعات.. والابتعاد عن الأفكار السيئة، ومما يعينك على ذلك ما أشرت إليه من النظر والتأمل في حال من هو دونك، ومن هو أشد منك بلاء وأعظم مصيبة؛ وهو ما أرشد إليه النبي- صلى الله عليه وسلم- فقد صح عنه أنه قال: انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ان لا تزدروا نعمة الله. رواه مسلم وغيره.

هذا ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه. وللمزيد انظر الفتويين : 27082، 73589 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني