الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخوها يسبها ويهينها فحلفت أن لا تكلمه

السؤال

أخي الكبير يقوم بإهانتي وشتمي بألفاظ وعبارات تجرحني جدا وفي كل مرة أمتنع عن الكلام معه حتى يتعلم أن يحترمني ويمتنع عن هذا الفعل, ولكنه يأتي ليعتذر فأسامحه ولكنه يعود كل مرة إلى ما كان عليه من الإهانة لي, ففي آخر مرة أقسم بالله أمامه أني لن أحدثه بعد الآن, ولكن قلت في نفسي أني لن أحدثه إلا عندما أريد أنا.
فهل الآن أعمالي لا تقبل لأني لا أحدثه وماذا افعل معه لكي أجعله يمتنع عن إهانتي؟ علما بأن أبي وأمي لا يستطيعون فعل شيء معه ولا نستطيع إخراج الأمر إلى أحد آخر, علما بأنه يصلي ومعروف عنه من الخارج الصلاح والأدب وهو كذلك ولكنه يستمر في إهانتي, فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن صلة الأرحام من أعظم الواجبات لقوله سبحانه: وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1}

أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها وقطعها من أعظم المحرمات، لقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}

وليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذه مكافأة، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

وعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره.

فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت علي ذلك. أي فكأنما تطعمهم الرماد الحار.

فالواجب عليك هو المسارعة إلى إزالة ما بينك وبين أخيك من خصام ومشاحنات؛ لأن فساد ذات البين هي الحالقة كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.

ولا نعني بقولنا هذا أنه غير مخطئ، كلا، بل هو قد جمع بفعله هذا جملة من الأخطاء والمخالفات الشرعية منها إيذاء المسلم قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}

ومنها: قطيعة الرحم، وقد تقدم الوعيد الشديد لمن قطعها، ومنها: سباب المسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق.

أما ما كان منك من يمين قد نويت فيها أن لا تحدثيه إلا بإرادتك فيمكنك محادثته، ولا تحنثين في يمينك لأنك قد قيدت ذلك بإرادتك، والنية تخصص اليمين وتقيدها جاء في الأشباه والنظائر: قال الرافعي وتبعه في الروضة: النية في اليمين تخصص اللفظ العام، ولا تعمم الخاص مثال الأول: أن يقول والله لا أكلم أحدا وينوي زيدا.

وجاء في فتاوى الشيخ العثيمين: فإن النية تخصص العام.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13650، 13685، 2654.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني