الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجها مقيم في بلاد الغرب ويطلب منها السفر إليه

السؤال

سيدي أنا حائرة وأرجو أن تدلوني، كنت مطلقة ولي بنت عمرها الآن أربعة عشرة سنة, ثم رزقني الله بزوج صالح ولكن مقيم بكندا تركت ابنتي مع والدي احتج والدها وأخذها عنده وهو أيضا متزوج، ابنتي لم تطق العيش عنده وهربت من عنده ثلاث مرات, وتشوشت كثيرا فلم أطق ذلك ورجعت الى بلدي تاركة زوجي بالمهجر, توفي والدي فهو الذي كان ينفق علينا والآن زوجي طلبني بالرجوع, مع العلم والد ابنتي لم يرض أن آخذها معي أنا حائرة بين طاعة الزوج ومساءلتي أمام الله على ابنتي، دلوني أرجوكم أنا أنتظر الجواب بفارغ الصبر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبالنسبة لطلب زوجك السفر إليه فهذا حقه ويجب عليك أن تجيبي, فقد نص أهل العلم على وجوب طاعة الزوجة لزوجها في السفر معه حيث يريد.

قال مالك في المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت.... انتهى.

وقد اشترط أهل العلم لذلك شروطاً منها: أمن البلد الذي تنتقل إليه، وأمن الطريق.

قال في مواهب الجليل: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها، قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه. انتهى.

وننبه هنا إلى أمرين:

الأول: أنه لا بد أن يكون السفر إما مع الزوج أو مع محرم لك, لأن سفر المرأة بدون واحد منهما حرام على ما هو مبين في الفتوى رقم: 32845.

الثاني: أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار لمن لا يستطيع إقامة شعائر دينه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود وصححه الألباني. لأن الإقامة في بلاد الكفار ضررها أكبر من نفعها لما فيها من التعرض للفتن في الدين والانبهار بدنيا الكافرين، فيجب عليك أن تنبهي زوجك إلى هذا الحكم, حتى يقيّم وضعه, هل هو ممن حلت لهم الإقامة أم لا؟

وأما بالنسبة لأمر ابنتك فإن المرأة إذا تزوجت من رجل أجنبي من أولادها فإنها بذلك تكون قد أسقطت حقها في ‏الحضانة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي. رواه أحمد وأبو ‏داود.

وبذلك تعلمين أيتها السائلة أنه لا حق لك في حضانة هذه البنت ولو كنت معها ‏في بلد واحدٍ، إلا إذا رضي أبوها، وعند سقوط حقك في الحضانة فإن الحضانة تنتقل إلى أمك التي هي جدة البنت, وهذا رأي جمهور العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم، وعليه فلا يحق لأبي البنت أن ينازع فيها ما دامت جدتها سالمة متوفرة فيها مؤهلات الحضانة إلى أن ينتهي زمن الحضانة الشرعية .

وفي حالة موافقة من له الحضانة على حضانتك لها مع زواجك فلا يجوز لك نقلها إلى بلد آخر, إلا إذا رضي أبوها بنقلها، وكان ذلك هو الأصلح لها.

وبناء على ذلك فإن أمامك طريقين، إما أن يوافقك زوجك الثاني على إقامتك في بلدك للعناية بابنتك, وإلا فلا يجوز لك مخالفته, وإما أن يوافق زوجك الأول على سفر ابنته معك .

وننصحك في هذا كله بالاستعانة بالله سبحانه وكثرة دعائه والتضرع إليه، فنواصي العباد كلها بيديه, وهو سبحانه القادر على أن يجعل لك من أمرك فرجا ويسرا.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72117 , 9105, 7805.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني