الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقل الشخص أملاكه لزوجته وبنتيه بغرض أن لا يرث إخوته

السؤال

أنا فى الخامسة والأربعين من عمري، توفى والدي ولم يترك لي إلا القليل أنا وإخوتي، ولكن ربي رزقني من حيث لا أعلم رزقاً حلالا طيباً وكما عودني والدي أنني وإخوتي جسد واحد فقد ساعدت إخوتي فى حياتهم إلى أن استقروا جميعاً وتزوجوا وأنجبوا كما أنني وهبت لكل منهم قطعة أرض بدون أن أحمل أحدا منهم أي جزء من ثمنها أي أنني باختصار قد وهبت إخوتي تقريبا نصف ما أملك ليس لشيء إلا لحبي لهم، وحيث إنني متزوج ولي ابنتان فقط وليس لدي أبناء فإنني أرى أنه من غير العدل أن يرث إخوتي فى الجزء الآخر من أملاكي التي احتفظت بها لنفسي وفى نفس الوقت لا أريد أن أغضب الله سبحانه وتعالى بأن أنقل كل ما أملك إلى ملكية بناتي وزوجتي، وسؤالي هو: ما هو حكم الدين فى موقفي هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول السائل الكريم (أرى أنه من غير العدل أن يرث إخوتي في الجزء الآخر من أملاكي) كلام ظاهر الخطأ، فإن إخوتك إنما يرثون بشرع الله، وشأن شريعة الله تعالى التي نزلت بالهدى ودين الحق أن لا يترتب على تطبيقها إلا الحق والعدل والخير والحكمة.

ولذلك نلفت انتباه السائل الكريم إلى أن الهبة وإن كانت مشروعة في الأصل، إلا إنها إن كانت بقصد حرمان بعض الورثة من نصيبهم فإنها لا تجوز، بل هي حينئذ كبيرة من الكبائر، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75564، 71872، 76456.

وأما إن خلت الهبة عن هذا القصد فلا حرج عليك أن تنقل كل ما تملكه أو بعضه إلى زوجتك وبناتك بشرط أن تخلي بين كل واحدة منهن وبين ما وهبتها، لتحوزه حيازة شرعية، وتتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، وترفع أنت يدك عن هذه الأملاك، وبشرط أن تعدل بين بنتيك في القسمة، كما سبق بيان في الفتوى رقم: 12549، والفتوى رقم: 9084.

وأما إن كانت هذه الهبة موقوفة على وفاتك فهذه وصية، والوصية لا تجوز لوارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

وأخيراً لا بد أن يتذكر السائل الكريم أن ما وهبه لإخوته فيه من معاني التواصل والتراحم والتعاون ما يكفي ثوابه للاحتساب والاغتباط، فلا تعرض جميلك للضياع، ولا ثوابك للنقصان، ثم إن الآجال بيد الله تعالى، ومحل سؤالك أن تسبق وفاتك وفاة إخوتك، وهذا ليس بالأمر الحتم، وإن حصل ذلك فما يدريك فلعل إخوتك هؤلاء ينفعون بناتك من بعدك ويحوطونهن بما لا يأتي لك على بال، حفظاً لجميلك معهم، وصيانة لحقك عليهم، وقد قال الله تعالى: آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا {النساء:11}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني