الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم يقين المرء بأنه سيدخل الجنة حتى لو دخل النار

السؤال

المسلم المستقيم على أمر الله لو أصبح لديه يقين تام ومستمر من أنه حتى لو دخل النار فإنه في النهاية سيكون مع أهل الإيمان في الجنة، هل يكفر بهذا الاعتقاد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن من مات موحدا وإن كان من أهل المعاصي، فهو تحت مشيئة الله تعالى يوم القيامة، فإن شاء عذبه على ذنوبه ثم أدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة بغير سابق عذاب، ومن عقيدتهم أنه لا يخلد أحد من الموحدين في النار، وقد سبق بيان ذلك وأدلته في الفتويين: 31033، 40747.

وهذا في حق من مات موحدا لا يشرك بالله شيئا، ولكن هذا لا يضمنه أحد لنفسه، والأعمال بالخواتيم، قال الإمام سفيان الثوري: إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت.

وقال ابن رجب: قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلا عند الموت يلقن الشهادة لا إله إلا الله فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر. وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته. وفي الجملة فالخواتيم ميراث السوابق فكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم ... وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا. ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت. وقال سهل التستري: المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر. ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ويشتد قلقهم وجزعهم منه، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر، كما تقدم أن دسائس السوء الخلفية توجب سوء الخاتمة. انتهى.

فلا تأمن مكر الله وأبشر برحمته واعمل بطاعته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 35806، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 65393.

وليس من المتصور أن يكون للمرء يقين جازم بأنه من أهل الجنة قطعا، وإنما يتصور أن يقوى رجاؤه في الله إلى درجة يستبعد معها ارتداده عن الإسلام، وقد نفينا تصور وجود اليقين في مثل هذا الأمر لأن اليقين هو اعتقاد جازم لا يقبل التغيير، وقيل هو العلم المستقر في القلب لثبوته عن سبب متعين له بحيث لا يقبل الانهدام، ولو افترض جدلا وجود مثل هذا اليقين عند شخص، فإنه لا يعتبر به كافرا، لأنه لا يتصور حصول ذلك إلا من شدة ثقته في الله وحسن ظنه به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني