الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الوصاية على المتخلف عقليا

السؤال

أبي يعول أخته المتخلفة عقليا بعد موت والديها لها معاش شهري يفوق احتياجاتها في مستوى المعيشة المتوسط أبي يخلط مالها مع مصاريف المنزل فهل هذا يخالف قول الله تعالى: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم.
وإذا وجب على الوالد أن لا يخلط بين أموالها وأموال المنزل ويرقى بمستوى معيشتها عن باقي أفراد الأسرة فكيف له أن يحسب تكاليف الإقامة في المنزل علما بأن البيت ملك لأبي وليس إيجارا.
أما السؤال الثاني: هل ينطبق ما جاء في الآية الكريمة ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ينطبق على المتخلفين عقليا غير المدركين للخبيث من الطيب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على أبيك التصرف في مال أخته المتخلفة عقليا وفق ما فيه مصلحتها كما هو شأن الوصي والوكيل, وله أن ينفق عليها منه, وأن يأخذ عوضا بالمعروف عن سكناها في منزله لأنه لا تجب عليه نفقتها ما دام في مالها كفاية لذلك, وإن كان الأولى أن يتطوع بإسكانها دون مقابل.

قال ميارة عند قول ابن عاصم:

ويرجع الوصي مطلقا بما * ينفقه وما اليمين ألزما

وغير موص يثبت الكفاله ومع يمين يستحق ماله

يعني أن الوصي إذا أنفق على محجوره فإنه يرجع عليه بما أنفق سواء أشهد أنه أنفق ليرجع أو لا، كانوا في حضانته أو لا، وهو مراده بالإطلاق فإن لم يشهد فلا يمين عليه في ذلك لأنه مأمور بالإنفاق عليه فيصدق في قصد الرجوع, ومن المعلوم أن السكن من النفقة, فله أن يرجع على مالها بما يقابل إسكانها بالمعروف.

ولا حرج على أبيك في أن يخلط مالها المستهلك في نفقتها مع ما يخرجه من مال لنفقته ونفقة عياله, فقد قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. {البقرة:220}.

ولا يدخل هذا في النهي الوارد في قوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا {النساء: 2}، لأن الآية إن أريد بها خلط مال اليتيم بمال وصيه فقد نسخ هذا الحكم بالآية السابقة في سورة البقرة, وإن أريد بها أكل مال اليتيم مضموما إلى مال وصيه فليس في الخلط بين ماليهما للنفقة أكل ماله.

والظاهر – والعلم عند الله – أن قوله تعالى: ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، وإن كان سبب الورود اليتيم فإنه يشمل المتخلف عقليا على اعتبار أن كلا منهما تحت وصاية الوصي للحجر عليه شرعا, ومن المعلوم أن الحجر على المتخلف عقليا مستمر, وأن الحجر على اليتيم مؤقت ببلوغه رشيدا، فيكون المتخلف عقليا أولى بالحكم, هذا بالإضافة إلى اندراج تبديل الوصي الخبيث من ماله بالطيب من مال الموصى عليه تحت خيانة الأمانة قطعا , وقد حذر الله من خيانتها فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}.

وللأهمية تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99706، 102829، 94159، 96062.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني