الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إنشاء شبكة نت إذا علم أنها ستستخدم في الحرام

السؤال

سؤالى إلى فضيلتكم، بخصوص النت أنا ساهمت فى إنشاء شبكة إنترنت في منطقتي مع أقارب لي وهم يشاهدون الأفلام وغيرها مما نهى الشرع عنه، وهذه الشبكة بدأت في الإتساع أكثر وزاد عدد المشتركين ولا أملك حق التصرف فيها وحدي فهل أحمل وزر ما يشاهده غيري على الشبكة، مع العلم بأني لو طالبت بحقي وخرجت منها ستنتهي الشبكة وأنا أحتاج إلى النت، فبماذا تنصحون؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كنت تعلم أو كان يغلب على ظنك قبل إنشاء هذه الشبكة أنها ستستخدم في أمور محرمة، فقد ارتكبت إثماً، ولا يجوز لك أخذ أجرة الاشتراك، لأن عقد الإجارة عندئذ يكون فاسداً، وعليك أن تصرفها في مصالح المسلمين، مع التوبة إلى الله تعالى وفسخ عقد الإجارة، وإنهاء تلك الشبكة، وإن كنت استهلكت الأجرة فتكفيك التوبة.

وأما إن كنت لا تعلم ولم يكن يغلب على ظنك أنهم سيتسخدمونها في هذه الأمور المحرمة، ولم تعلم بذلك إلا بعد إنشاء الشبكة وتأجير خطوطها، فلا حرج عليك في تلك الأجرة، ويلزمك ما يلزم غيرك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتمنعهم من هذه الأمور المحرمة إن كنت قادراً على ذلك، كما يلزمك أن لا تجدد الاشتراك لمن انتهت مدة إجارته إذا كنت تعلم أنه يستعمل الشبكة في أمر محرم، فإن الغالب أن مدة الاشتراك تكون شهراً واحداً..

فقد نص الفقهاء على حرمة تأجير ما يستخدم في فعل الحرام، وأنه ينبغي فسخ عقد الإجارة ما أمكن، وراجع في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24728، 39135.

فبادر أيها السائل الكريم إلى إغلاق هذا الباب من الشر الذي شاركت في فتحه ما أمكنك ذلك، واحذر أن تعين أحداً على إثم أو عدوان، فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وأما حاجتك للإنترنت فيمكنك أن تتحصل عليه بطريقة أخرى لا تتعاون فيها على إثم أو عدوان، حتى ولو كانت أكثر كلفة، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.. { الطلاق: 2، 3 }، وقال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}. وقد سبق لنا بيان ذلك في كثير من الفتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 114759، 74898، 68424.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني