الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سأله بالله أن يدع عملا محرما فلم يستجب له

السؤال

فقد سألني شخص ما بالله أن أدع عملاً من الأعمال المحرمة، ولكني لم أستجب لذلك ولكن الله تاب علي من هذا العمل فماذا علي أن أفعله الآن؟ وجزيتم خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأول ما ينبغي عليك أن تحقق شروط التوبة النصوح مما ارتكبته من أمور محرمة، وقد سبق بيان هذه الشروط في الفتوى رقم: 29785، والفتوى رقم: 5450..

وعليك أن تجتهد في إتباع السيئات بالحسنات لتمحوها، فإن الحسنات يذهبن السيئات.. وكذلك ينبغي أن تندم على عدم إجابة من سألك بالله تعالى، لا سيما وأنه لم يسألك إلا ما وجب عليك في الأصل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سألكم بالله فأعطوه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وصححه الألباني..

وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائلاً لم يسأل هجراً. رواه الطبراني وحسنه العراقي والألباني.

وقد اختلف أهل العلم في حكم إجابة السائل بالله، هل تجب أو تستحب، وظاهر الحديثين السابقين الوجوب، قال ابن عثيمين: هذا دليل على جواز السؤال بالله، إذ لو لم يكن السؤال بالله جائزاً لم يكن إعطاء السائل واجباً.. على أن بعض العلماء قال: من سألكم بالله أي: من سألكم سؤالاً بمقتضى شريعة الله فأعطوه، وليس المعنى من قال: اسألك بالله. انتهى.

وقال في موضع آخر: المسؤول إذا كان في إجابته ضرر لا تلزمه الإجابة. انتهى.

وقال الصنعاني في سبل السلام: الحديث دليل على أنه يجب إعطاء من سأله بالله، وإن كان قد ورد أنه لا يسأل بالله إلا الجنة، فمن سأل من المخلوقين بالله شيئاً وجب إعطاؤه إلا أن يكون منهياً عن إعطائه... لكن العلماء حملوا هذا الحديث على الكراهة، ويحتمل أن يراد به المضطر، ويكون ذكره هنا أن منعه مع سؤاله بالله أقبح وأفظع. انتهى.

ومن هؤلاء العلماء الذين حملوا الحديث على الكراهة ابن قدامة حيث قال في المغني: يستحب إجابة من سأل بالله.

وصرح الشافعية بأن السؤال بالله أو بوجه الله مكروه، كما يكره رد السائل بذلك.

وأما بالنسبة لصاحبك فالظاهر من السؤال أنه قال لك بالله عليك أو أسألك بالله ونحو ذلك، فإن كان كذلك فلا كفارة عليه، لأن هذا ليس يميناً..

وأما إن كان صرح باليمين فقال مثلاً، والله لتفعلن كذا، فحينئذ تجب عليه كفارة يمين، وقد سبق أن ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 80696.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الإقسام بالله على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء... وأما قوله: سألتك بالله أن تفعل كذا. فهذا سؤال وليس بقسم، وفي الحديث: من سألكم بالله فأعطوه. ولا كفارة على هذا إذا لم يجب سؤاله.

وقد سبق أن ذكرنا الكلام على إبرار القسم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17528، 111214، 23136، والكلام على من سئل بالله في الفتوى رقم: 71077، والفتوى رقم: 14141.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني