الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفع المرأة صوتها بحضرة الرجال وحكم تدريسها في جامعة مختلطة

السؤال

قرأت أنه لا يجوز دينيا أن ترفع المرأة صوتها إلا في الضرورة القصوى. أنا أم لأطفال صغار و أحيانا أحتاج لرفع صوتي عليهم في الطريق.. المطار، وما شابه لجريهم بعيدا عني(عندما أخرج بدون زوجي في بعض الأحيان لكثرة انشغاله). كما أنني أدرس بالجامعة و أحتاج لرفع صوتي أثناء الشرح لطلبة صفي علما بأن الدراسة مختلطة. ما الدليل من القرآن و السنة؟ وما رأي فضيلتكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن صوت المرأة ليس بعورة، وإنما يحرم إذا كان فيه خضوع بالقول، أو يتلذذ به السامع ويؤدي إلى فتنة. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63034، 9792، 1524 .

أما بالنسبة لرفع المرأة صوتها، فقد جعل بعض أهل العلم خفض المرأة لصوتها داخلا في القول بالمعروف الذي أمرت به، في قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} قال ابن كثير: هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك اهـ.

وذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) أن المرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول من غير رفع صوت، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام. اهـ.

أما إذا احتاجت المرأة لرفع صوتها لضرورة أو حاجة ملحة كالتي ذكرتها السائلة الكريمة ، فلا بأس عليها في ذلك بقدر حاجتها، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: إذا كانت المرأة مثلاً حول الكعبة وقت الطواف، وفَقَدَت الإنسان الذي معها، مثل زوجها، وخافت أنها تضيع عنه، فأخذت تنادي بصوت مرتفع، فهل هذا حرام أو حلال؟ فأجاب رحمه الله: هذا حلال، لا بأس به .. ما عليها إثم؛ لأنها في ضرورة. اهـ.

وقال أيضا: إذا كانت المرأة حولها رجال فإنه من الأفضل أن تسر بقراءة القرآن؛ لأنه لا ينبغي للمرأة أن تجهر بصوتها عند الرجال إلا عند الحاجة اهـ.

وأما بالنسبة للتدريس في الجامعات المختلطة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 67685. أن تدريس المرأة للذكور البالغين يرجع الحكم فيه إلى انضباط الأمر بالضوابط الشرعية، فإذا كانت ملتزمة بالحجاب، ولم يحصل خلوة ولا خضوع بالقول، فهو جائز والأولى تركه وإلابتعاد عنه كليا، لما في ذلك من الخطر عليها وعليهم، والسلامة لا يعادلها شيء، لأن طبيعة التدريس تستلزم المخالطة، وفي ذلك من الفتنة لها ولهم ما هو معلوم. ومن المقرر شرعا أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه ممنوع لأن الذريعة إلى الفساد يجب سدها. ويتأكد هذا إذا لم يكن بالمرأة حاجة إلى العمل، أو كان الزمان زمان فتنة وانحلال خلقي للطلاب.

وقد سبقت لنا عدة فتاوى عن حكم عمل المرأة في مكان فيه اختلاط، كالفتويين: 20388، 65401.

كما سبقت فتاوى عن الاختلاط بصفة عامة، كالفتاوى ذات الأرقام التالية: 3539، 36111، 68660.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني