الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك في خروج المذي لا يلتفت إليه

السؤال

أنا فتاة عمري 23 عاما..مشكلتي هي أنني قبل فترة بدأني نوع من الوسواس في الصلاة فأشك بنفسي هل فوّت ركعة أو سجدة وأحيانا أعيد الصلاة ولكن في الأغلب أسجد سجود سهو.. ثم بعد ذلك بدأني وسواس في الطهارة فأشك هل نسيت هذا العضو ولم أغسله أو إذا توضأت أقضي الوقت كله أفكر هل أحدثت؟ هل أحدثت؟ ولكني الحمد لله رب العالمين تغلبت عليه نوعا ما وأصبحت أتجاهله لأني أعلم أنه من الوسواس..
أما مشكلتي الحالية والتي تؤرقني وسوف تحولني إلى إنسانة كئيبة ومريضة نفسيا هي أنني قبل فترة قرأت ويا ليتني ما قرأت أن المرأة يخرج منها ما يخرج من الرجل وهو المذي والذي يخرج عند الشهوة.. ومنذ ذلك الوقت وأنا قد وجد الشيطان لي طريقا جديدا ليوسوس لي ويتعسني من خلاله..أصبحت أفكر كل الوقت هل خرج مني مذي ؟ مثلا عندما أتحدث بالهاتف مع خطيبي ويقول لي أحبك أو أي شيء مثل هذا الكلام أشعر بأنه خرج مني فأذهب وأغير ملابسي وأعيد وضوئي.. ومثلا عندما أشاهد فيلما أو مسلسلا أو أرى صورة أو موضوعا أو أي شيء يعبر عن علاقة الرجل والمرأة أو الحب بينهم أشعر بأنه يخرج مني وأذهب لأغير ملابسي وأتوضأ من جديد..لأني أخاف أنه فعلا يخرج عندما أرى مثل هذه الأشياء أو أسمع مثل هذا الكلام ثم لا تقبل صلاتي وأكون صليت وأنا نجسة وغير طاهرة هذا ما يخيفني..
وأحيانا أفتش ملابسي لأرى أي أثر حتى أشعر أني فعلت هذا الشيء وأنا متأكدة ولست أشك..أرجوكم أرجوكم لا تهملوا مشكلتي أقسم بالله العظيم أني أفكر في معظم يومي بهذا الشيء سواء استسلمت للوسواس أم لم أستسلم إذا استسلمت أفكر لماذا استسلمت وإذا غلبته أفكر وأقول ربما كنت فعلا نجسة وغير طاهرة لأن المذي نجس ويلزم منه الوضوء..هل المذي يخرج بسهوله كما أشعر؟ أم يحتاج إلى وقت؟ كم من الوقت مثلا يحتاج من الشهوة حتى يخرج ؟ أرجوكم هذا الموضوع سيقلب حياتي جحيما فلا تبخلوا علي بأجوبة تحدد هل أنا على حق أم على باطل ؟
أرجوكم أريد أجوبة تطمئني.. لا أريد أن أشعر أني أحتاج طبيبا نفسيا لأني لا أريد أن أفتح لنفسي باب الأطباء النفسيين.. وإذا استطعت أن أحل مشكلتي بنفسي لا أريد أن أعرض نفسي على طبيب نفسي..أظل أسأل نفسي هل أنا على حق أم باطل !! وإذا غلبته أخشى أني كنت على حق ولن تقبل عباداتي من الله.. وهل هو شيء طبيعي عندما أتغلب عليه أشعر بكآبة شديدة وتأنيب ضمير؟ هل سيزول؟ هل سأرجع كما كنت إنسانة طبيعية..أنا آسفة على الإطالة أرجوكم أجيبوني والله العظيم إني كتبت مشكلتي في أكثر من مكان واستشرت أكثر من شخص ولكن لا أحد يجيبني ! لماذا ؟ لا حياء في الدين أعلم أن الموضوع ربما حساس ولكن لا حياء في الدين لا أعلم لماذا لا يجيبوني.. انتم آخر أمل لي فلا تخذلوني..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب نريد لفت الانتباه إلى أنه من الخطأ القول أنه لا حياء في الدين، إذ الحياء شعبة من الإيمان كما في الحديث الشريف، ولعلك تقصدين ما ورد في الحديث الشريف: إن الله لا يستحيي من الحق...

ثم الظاهرُ من حالك أيتها الأخت الفاضلة أنكِ حريصة على الدين معظمةٌ لأمر الصلاة، ونحنُ نهمسُ في أذنكِ قبل الجواب على سؤالك ناصحين لكِ، فاعلمي وفقكِ الله أن حديثكِ مع خطيبك في الهاتف من غير حاجة شرعية وتبادلكما كلمات الحب والغرام مما لا يجوزُ شرعا إذ هو أجنبي عنكِ، فالواجبُ عليكما أن تكفا عن هذا الفعل المحرم وأن تصبرا حتى يمن الله عليكما بالزواج، قال عز وجل مخاطباً نساء النبي وغيرهن أولى بهذا الأمر منهن: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {الأحزاب:32}.

واعلمي أيضاً أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والصور المحركة للغرائز مما لا يجوزُ كذلك، قال الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ {النور 30-31}.

فالواجب عليكِ التوبة إلى الله عز وجل وعدمُ فعل ما نهى عنه، وسيكون انكفافكِ عن هذه المحرمات عاصماً لكِ بإذن الله من ثوران الشهوة وقاطعاً لدابر هذه الوسوسة.

وأما ما سألتِ عنه فاعلمي أن الإعراض عن الوسواس هو أنفع دواءٍ لعلاجه وانظري الفتوى رقم: 66960.

وإذا شككت في خروج المذي فالأصل عدم خروجه فلا تلتفتي إلى هذا الشك، ويزداد هذا الأمر تأكداً مع ما ذكرته من كونك تعانين من الوسوسة، واعلمي أن الشك في انتقاض الطهارة لا يبطلها، لأن الأصل بقاؤها وانظري الفتوى رقم: 31363.

قال ابن باز رحمه الله فيمن شك في خروج المذي: وما دام عندك شك ولو قليلاً ولو واحد في المائة لا تلتفت إلى هذا الشيء، واحمله على الوهم وأنه ليس بصحيح. انتهى.

فإذا تحققتِ من خروج المذي فلا يلزمكِ تبديل ثيابك، وإنما يكفيكِ الاستنجاء، ونضحُ ما أصاب الثياب من المذي ثم الوضوء.

وليس لخروج المذي وقت محدد، والناسُ يتفاوتون فيه قلةً وكثرة، فإذا وجدت القرينة الدالةُ على خروجه من ثوران الشهوة أو التفكر ونحو ذلك، وشعرتِ بخروجه فحينئذٍ يُحكم بكونه مذيا، وتتطهرين منه الطهارة الشرعية المطلوبة، نسأل الله أن يصرف عنك الوسوسة، وأن يعصمكِ من شرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني