الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبو الفرج الأصبهاني .. أباطيله وضلالاته

السؤال

أرجو من فضيلتكم أن تبينوا لي مدى صحة الرواية التالية، مع العلم أنني قرأتها في موقع علماني و شكرا لكم. وأين مبرقعة اليوم من عائشة بنت الصحابي المبشر بالجنة طلحة بن عبيد الله، ومن ثقتها بنفسها، يروي أبو فرج الأصفهاني: كانت عائشة بنت طلحة لا تستر وجهها من أحد، فعاتبها مصعب بن الزبير زوجها فقالت: إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس، ويعرفون فضلي عليهم، فما كنت أستره، والله ما فيَّ وصمة يقدر أن يذكرني بها أحدُ. لا يجرؤ على نقل مثل هذه الصورة الحدث إلا أديب تحرر من قيود المجتمع بعض الشيء، ولم يعد سفور الوجه مثلبة على السافرة، فقد غض صاحب الطبقات الكبرى ابن سعد وغيره من المؤرخين النظر عن مثل هذه الرواية، التي تؤشر إلى تقدم الماضي على الحاضر. وتفصح عائشة عن ثقتها بنفسها حين ردت على نظر شخص يدعى ابن أبي الذئب وهي تطوف حول الكعبة بالقول: مِنَ اللاء لم يحججنَّ يبغينَ حسبةً ولكن ليقتلنَّ البريء المغفلا فرد عليها المغفل ابن أبي الذئب بالقول: صان الله ذلك الوجه من النار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكتاب الأغاني للأصفهاني فيه من الطامات والخزعبلات، ما يوهّن التقوى في القلوب ويشجع على الهبوط والإسفاف والرذيلة، وقد طالت سهامه المسمومة الكثير من أهل الفضل والشرف والرفعة والحسب، فنسب إليهم ما لا يجوز نسبته إلا لأهل المجون والانحلال، حتى أهل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يسلموا من طعنه فيهم صراحة بروايات لا تستقيم سنداً ولا متناً، وفي رواتها مجهولون أو كذابون دجاجلة أو أسانيد منقطعة، تتقطع القلوب حسرة وغيرة على الدين وأهله عند سماعها، وليست عائشة بنت طلحة هي الوحيدة التي افترى عليها صاحب هذا الكتاب، بل قد روى عن سُكَيْنَة بنت الحسين سيد شباب أهل الجنة من أخبار اللهو والمجون ما يندى له الجبين.

وصاحب كتاب الأغاني هذا هو أبو الفرج، علي بن الحسين بن محمد القرشي الأموي الأصبهاني قال عنه الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء: وكان وسخا زريا، وكانوا يتقون هجاءه.

وقال الذهبي أيضا: رأيت شيخنا تقي الدين ابن تيمية يضعفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به.

ولمعرفة ما قيل حول الأصفهاني هذا وما في كتابه الأغاني من بلايا وطامات، يرجع إلى:

كتاب الأستاذ وليد الأعظمي: "السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني" ، وكتاب:"كتب حذر منها العلماء" للشيخ مشهور سلمان. وقد أحالوا فيهما على مراجع أخرى للاستفادة منها.

ثم إننا لم نجد هذه القصة عن عائشة بنت طلحة في الكتاب المذكور، وإنما وجدت مثلها عن امرأة مجهولة، وبلا إسناد. ولو فرضنا جدلا ورود مثل هذه القصة، فالرد عند التنازع يكون لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء:59} .

وننصح السائل بالاطلاع على كتاب:"عودة الحجاب" للشيخ محمد إسماعيل المقدم، فهو موسوعة في الرد على شبهات أعداء الفضيلة من العلمانيين وغيرهم، وقد استفاض في ذكر أدلة الحجاب. وأما عن العلمانيين الذين يشيعون مثل هذه الأكاذيب فهؤلاء لا يؤمنون بالإسلام وقيمه ومبادئه.

وقد تناولنا في فتاوى سابقة العلمانية وحكم العلمانيين وموقفهم من مبادئ الإسلام وكتبا في الرد على شبهاتهم بشيء من التفصيل، وهذه أرقام بعضها فلتراجع: 2453، 5490، 5887، 52755، 58024، وغيرها، كما ننصحك بمراجعة كتاب "العلمانية" للشيخ سفر الحوالي فهو من الكتب المفيدة جدا في هذا الباب، وننصحك كذلك بالابتعاد عن هذه المواقع المشبوهة، واستغلال الوقت في تصفح غيرها من المواقع النافعة وهي كثيرة، ولله الحمد.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني