الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحق للأخ التصرف في مال أخته إذا لم تكن له وصاية عليها

السؤال

كنت قد استشرتكم في موضوع خالتي هذه في السنة الفارطة، والآن أريد مجددا نصيحتكم في ما يلي والذي يخصها، وكنتم قد نصحتموني بأخذها لطبيب نفسي لعلاجها مما تعاني منه، وبعد استشارتكم رفض أخواها وخاصة خالي الكبير أن يقوما بعرضها على طبيب نفسي بدعوى لم يذهب المال خسارة، وهي في هذا السن فلتكمل ما تبقى لها على تلك الحال، وفعلا مضى الأمر كذلك وهي لم تغير شيئا من تصرفاتها، بل على العكس ربما زادت، ونحن لم نستطع إحضارها عندنا ثانية نظرا لمرض أمي، وقد تسببت لها في ارتفاع السكري وضغط الدم، وخاصة أننا لا نملك غرفة إضافية لنخصصها لها. المهم أنهم ورثوا عن جدتي رحمة الله عليها منزلا وأخيرا تم بيع هذا المنزل، وقد كنت أمني نفسي أنا وأمي بأن نخصص نصيب خالتي لعلاجها، لعل الله يكتب لها الشفاء أو على الأقل التخفيف من حدة تصرفاتها، خاصة أن لديها معاشا شهريا تصرف منه على نفسها من دواء وأكل وملبس وما إلى ذلك، ومن الممكن أن توفر منه إذا نظمنا لها المصروف بشكل جيد.
ولكن الذي حدث أن خالي الكبير أصر على أخذ المبلغ بدعوى أنها تحت مسؤوليته ورعايته، وعندما حاولت أمي أن تصر عليه بأنها [ خالتي] إنسان مثلنا ومن حقها التمتع بنصيبها، وأن يتم صرفه عليها غضب وقال بأن لديه ديونا كثيرة يجب عليه تسديدها، وأنه لا شأن لنا بها، فهي تحت مسؤوليته. وحاولت أمي الإصرار دفاعا عنها وعن حقها وكنت موجودة، ولكنه غضب وقال بأنه سيندب وجهه إن لم يدعوه يأخذ المال، ورغم تكراره لكلمة المسؤولية إلا أنه لا يجسد ذلك على أرض الواقع مطلقا، فوثائقها وما إلى ذلك يقوم بها أبي أو ابن خالي الآخر وهو لا يحملها للطبيب ولا يقوم بأي شيء يخصها، ولكن كلامه مجرد تبرير لأخذ المال وكل ما يحدث شبه تكرار لما حدث مع جدتي رحمة الله عليها، فعلى سبيل المثال عندما مرضت مرض الموت وكانت تتألم وطلبت منه أمي أن يحضر لها الطبيب رفض وآثر شراء شاة ليذبحها بعدما تموت ويطعم الناس وما إلى ذلك من تفاصيل الوفاة، وقال بأن ذلك أولى لأنه يريد أن يستر وجهه أمام الناس ولا يضحكوا عليه، علما بأنه كان المسؤول عن أموالها مثلما هو الحال الآن، وكان يرفض تدخل أحد أخويه لمعرفة أي شيء عن ذلك، ونعود لموضوع خالتي فقد قال لأمي كلغة تهديد أنه من أراد أن يحتفظ لها بالمال فليأخذها لتعيش معه للأبد، وطبعا نحن كما ذكرت آنفا أمي مريضة، ولا نملك غرفة خاصة لها، وإلا كنا أحضرناها معنا وليكن ما يكون.
وبالتالي استحوذ خالي على نصيبها من المال وقال بأنه سيكون على سبيل السلف، ولكنه لم يكتب وثيقة موثقة بصيغة قانونية بذلك، ولم يبد أي تصرف يثبت حسن نيته علما وأنه تحدث مع أمي وخالي الآخر سابقا، وعندما طلبوا إليه بيع قطعة أرض يحتفظ بها منذ سنوات طويلة ليسدد بها ديونه خاصة وهي تساوي مبلغا لا بأس به رفض، وقال بأنها تعز عليه ولا يستطيع التفريط فيها.
أنا أقول هو من حقه أن تعز عليه أملاكه، أما خالتي أليس من حقها أن يعز عليها نصيبها من المال؟؟ أم أن كل من يعاني من مرض ما يلغى حقه في الوجود وحقه في الحياة، صحيح أن تصرفاتها لا تحتمل، ولكن هذا لا يلغي عنها حقوقها الشرعية؟
سؤالي هو كيف يمكننا التعامل معه الآن خاصة وأنه بدأ منذ اليوم الأول 06/03/2009 في صرف المال والله أعلم إن كان قد أكمله أم لا ؟
هل نحن قصرنا في دفاعنا عنها وكان من المفروض أن نأخذ نصيبها من المال حتى ولو أدى ذلك إلى مشكلة كبيرة معه ؟
كيف يمكن توعيته بخطورة ما فعله خاصة وأنها تعتبر بحكم القاصر أو اليتيم، علما وأنه بحكم العشرة فأمي وخالي الآخر يعلمان جيدا طبيعته، وأنه يريد الاستحواذ على المال، وهذا ما أبداه من المرة الأولى، ولكن عندما لاحظ اعتراض أمي التجأ إلى هذا الأسلوب؟
ما حكم ما فعله خالي من الناحية الشرعية وما عقوبة ذلك؟
هل يحق لنا مطالبته بكتابة وثيقة يتعهد فيها بتسديد المبلغ في أجل مسمى على الأقل لتضمن حقها في حالة وفاة أو أي شيء آخر فبهذه الطريقة الحالية لا يمكن لها ضمان حقها مطلقا ؟
في كل الأحوال أرجو أن تنصحونا بأنسب طريقة للتعامل مع هذه الحالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا وصاية للأخ المذكور على مال أخته، ولا يجوز له أخذه إلا إذا كان وصيا من قبل أبيها أو جدها أو القاضي، وحيث لم تذكر ثبوت الوصاية له على مال تلك المرأة، فلا ينبغي لكم تمكينه من التصرف فيه سيما مع ما ذكر من صرفه له في مصالحه الخاصة، ولكم رفع المسألة إلى القاضي ليعين وصيا لمال تلك المرأة، وتختلف الوصاية على النفس عن الوصاية على المال. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 37701.

وعلى من يعينه القاضي وصيا على مالها أن يتصرف فيه وفق مصلحتها، ومن ذلك علاجها إن كانت تحتاج إلى علاج، وغلب على الظن نفعه وحصول فائدته.

وخلاصة القول والذي ننصح به هنا هو رفع القضية إلى القضاء لتعيين وصي أمين من قبل القاضي على مال تلك المرأة، ينظر في مصالحها أو يمنع هذا الأخ من الاعتداء على مالها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني