الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر المرأة للتعلم بلا محرم.. رؤية شرعية

السؤال

هل يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم حتى ولو كان للتعلم؟ حيث إنه يوجد بعض الذين يمارون في ذلك ويقولون: يعني أحضر لكل واحدة منهن محرما. وإذا قلت له فليتركوا التعليم حيث إنه غير واجب بل إن العملية التعليمية أصبحت فاشلة وبالأخص في بلدنا مصر، تعلل بأنهن سيصبحن عالمات في الذرة وطبيبات وغير ذلك، فليس هذا هو الواقع. فكيف نرد على هذا وهو يقول إن الطريق أصبحت آمنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسفر المرأة بلا محرم محرم، ولو كان للتعلم، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، ولا قول لأحد مع قوله، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب الناس فقال: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ. رواه البخاري ومسلم .

وهذا الحديث يرد على شبهات كثيرة حول هذا الموضوع، فامرأة الرجل خرجت للحج، والرجل سجل نفسه للجهاد، ومع هذا لم يرخص الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة مع حسن نيتها ولا للرجل مع تسجيل اسمه في الجهاد أن يكون السفر بلا محرم، ولم يقل له هل هي مع رفقة مأمونة أو طريقها آمن ...إلى آخر الشبهات التي تقال في مثل هذه الأحوال، بل قال له: انْطَلِقْ، والكلمة معبرة عن خطورة الموقف وأهميته، وقد بينا هذا بوضوح في فتاوى كثيرة وبينا مخاطر السفر بلا محرم فيها، ومنها الفتاوى اللآتية أرقامها: 96238،30391،9017.

ولا حرج على من أرادت التعلم أن تتعلم ما يناسب طبيعة المرأة مع التزامها بالضوابط الشرعية.

فالأمر بالمحرم في السفر لا يعني الدعوة لترك التعليم، ولماذا نلتزم بشروط وقوانين الدنيا ولا نلتزم بتعاليم وحدود ديننا ونعتبرها عائقا أمام تقدمنا؟!

ثم إن الجميع يعلم أن هذا الزمان توفرت فيه من الفتن والمثيرات والمفسدين والمفسدات ما لم يتوفر مثله في الأزمنة السابقة، وقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، ولاشك أن خوف الفتنة متحقق في هذا الزمان أكثر من غيره، وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فلا شك أن سفرها بدون محرم للدراسة ممنوع شرعاً، ثم إن الشارع لم يعلل اشتراط المحرم بعدم أمن الطريق، بل علق ذلك بالسفر، فمتى وجد السفر للمرأة لزمها وجود محرم ليحل سفرها.

وننبه على مسألة مهمة يغفلها كثير ممن يتكلمون في مسألة المحرم في وقتنا هذا ألا وهي أن تحريم سفر المرأة من غير مَحرم مَحلّ إجماع بين العلماء في الحالة المسؤول عنها في السؤال وفي حالات كثيرة مما يترخص فيه البعض بلا علم في هذا الزمان، وقد نقل هذا الإجماع عدد من العلماء منهم الحافظ ابن حجر رحمه الله حيث قال في فتح الباري : واستُدِلّ به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك، ومنهم من جَعَلَ ذلك من شرائط الحج. انتهـى .

ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم. انتهى من شرح النووي على صحيح مسلم .

فلم يختلف العلماء إلا في صور واجبة محدودة، أما السفر المباح أو المستحب أو المكروه فلا خلاف في اشتراط المحرم له، وفي الموسوعة الفقهية : ذهب الفقهاء إلى أنه ليس للمرأة أن تسافر لغير الفرض كحج التطوع، والزيارة، والتجارة، والسياحة وطلب العلم، ونحو هذا من الأسفار التي ليست واجبة إلا مع زوج أو محرم. انتهى.

ولاشك أن سفر المرأة للتعليم ليس بواجب عليها، وقد سبق تفصيل الكلام على سفر المرأة وضوابطه وأقوال العلماء في اشتراط المحرم، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 3096 ،3859، 6219، 66905 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني