الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمر التوبة موكول لعلم الله وإرادته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: هناك صديقان في نفس العمرعلى طريق غير مستقيم، ولكن الأول توفاه الله وهو عاص، والثاني عندما شاهد صديقه يموت تاب إلى الله، وتوجه إليه، لو بقي الأول حيا ومات الثاني لتاب الأول ما هو تفسيركم لهذا؟ والله أعلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره السائل الكريم من أن الثاني لو مات وبقي الأول لتاب، ليس بلازم، فقد رأينا كثيراً ممن يرون مصارع أصحابهم من جلساء السوء ومع ذلك لا يتوبون ولا هم يذكرون، في حين نرى شباباً يتوبون دون رؤيتهم لمصرع أحد، بل بسماعهم لكتاب الله وللمواعظ أو بمجالسة الصالحين، فأمر التوبة موكول لعلم الله وحكمته وإرادته ومشيئته، كما قال تعالى: ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .{التوبة:27}، وذلك كسائر مظاهر وآثار الهداية، إنما هي منة من الله يهبها لمن يشاء من عباده، قال الله تعالى: وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. {النحل:93}، وقال: كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ .{المدثر:31}.

وقد أخبرنا ربنا تبارك وتعالى بحال من يريد بهم الهداية، فقال: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ. {الشورى:13}. قال السعدي:

هذا السبب الذي من العبد يتوصل به إلى هداية الله تعالى، وهو إنابته لربه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصداً وجهه فحسن مقصد العبد مع اجتهاده في طلب الهداية، من أسباب التيسير لها، كما قال تعالى: يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ. انتهى.

ولذلك لما علق الكفار هدايتهم بنزول المعجزات على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم الله تعالى بهذه الحقيقة، وذلك في قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ. {الرعد:27}. قال السعدي:

يخبر تعالى أن الذين كفروا بآيات الله يتعنتون على رسول الله، ويقترحون ويقولون: لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ. وبزعمهم أنها لو جاءت لآمنوا فأجابهم الله بقوله: قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ. أي: طلب رضوانه، فليست الهداية والضلال بأيديهم حتى يجعلوا ذلك متوقفاً على الآيات. انتهى.. وراجع للمزيد من الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 32573.

وأما مسألة الخواتيم فقد سبق أن بينا معناها وكونها ميراث السوابق، فذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4001، 34264، 34370.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني