الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استقدام الزوجة إلى بلد كافر مع خوف الفتنة عليها

السؤال

أنا مسلم أعيش في بريطانيا, تزوجت في العام الماضي من فتاة مسلمة وتركتها مع عائلتي في بلدي المسلم وعدت إلى بريطانيا, ظنا مني أني أستطيع أن أعود إلى بلدي كل 4أشهر وأمكث مع أهلي أسبوعيين، ولكن قد مضت 7أشهر ولم أستطع العودة ولو مرة واحدة, بسبب عملي وبعد المسافة.
الآن زوجتي أصبحت لا تطيق هذا الوضع وتحس أنها خادمة في بيت أهلي، وأني قد ظلمتها وتبكي كثيرا لحالها, أفكر في إحضارها إلى بريطانيا للعيش معي, ولكن شرعا هذا يخالف حكم الإسلام في من يعيش بين أظهر المشركين، كذلك أنا غير مطمئن إلى أن زوجتي تفتن وتتغير أخلاقها, فكما تعلمون الحال في بريطانيا القانون يعاقب الزوج إذا أراد أن يقوم زوجته إذا أساءت التصرف و تمادت في الخطأ، ويجبره على مغادرة المسكن العائلي وعدم الاقتراب من الزوجة.
كذلك دعاة الفساد من النساء في هذا البلد يعملن ليلا ونهارا على إفساد المرأة على زوجها بحجة حرية المرأة، و المساواة بين الزوج و الزوجة في الحقوق والواجبات.
و ما يؤرقني ويحرم علي النوم هو أن زوجتي جميلة جدا والكثير من الرجال ينجذبون لها رغم أنها ترتدي حجابا شرعيا إلا أن عينيها فاتنتان.
ولم أعش معها طويلا حتى أتحقق من عقيدتها, علما أن الأخلاق و التربية الحسنة غير كافيين هنا, فنزغات الشيطان جد خطيرة, فالمطلوب هو عقيدة توحيد وورع في خشية الله.
خوفي هدا ناتج عما أراه كل يوم يحدث لأزواج وزوجات، والخيانة الزوجية يدعى لها في الشوارع وفي جميع وسائل الإعلام، حتى أن النساء تتملص أخلاقهن و يتمادين في عقوق أزواجهن يقينا منهن أن المحكمة سوف تعطيهن الحق في جميع الأحوال ظالمة أو مظلومة، حتى أن القضاة أصبحوا يجرمون الرجل الذي يغار على زوجته, فإذا حدث ووجدت زوجتك مع رجل آخر و قمت بتعزيرها, فالقانون يمنعك ويعاقبك وربما يزج بك في السجن، ويعطي الحق الكامل للزوجة في طلب الطلاق والاحتفاظ بالبيت، وعليك أن تنفق على الأولاد في غالب الأحوال، الزوجة تصبح عاهرة و تقوم بإحضار الرجال إلى البيت، هذا شيء أصبح جد متداولا بين المطلقات فهن لا يردن معاودة تجربة الزواج حتى لا يفقدن إعانة الدولة لهن من إيجار, و نفقات المأكل والمشرب.
فخلاصة القول: النساء لا يستطعن مقاومة نزغات الشيطان وخاصة وهن في غربة عن الأهل و عن الإسلام , فأمور مثل التي ذكرت تحدث في بلاد الإسلام و المسلمين فما بالكم في غيرها؟ عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. هل أقوم بإحضار زوجتي إلي بريطانيا ؟ وماذا لو طلقت زوجتي وتزوجت من فتاة مسلمة من بريطانيا وهن كثيرات, وولدن في هدا البلد ولكنهن متمسكات بتعاليم الإسلام أم أبقي زوجتي في بلدي المسلم وأحاول الذهاب، ولكن هذا الحل جد صعب ومكلف جدا؟
في الأخير أرجو منكم حكما شرعيا لأمري هذا وليس رأيكم فيه, فإما حلال أوحرام, فأنا سأصبح في محل الراعي المسؤول عن تصرفات زوجتي حتى إن نظرت إلى مشهد حرام فإني مسؤول أمام الله, كما أني لا أضمن أني سأعيش معها طوال حياتها, فكل ما سيصدر عنها من أعمال فسأكون مسؤولا عنه. أشكركم شكرا جزيلا على ردكم و جعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لك أن تأتي بزوجتك إلى هذه البلاد التي تعيش فيها، بل يحرم عليك ذلك ما دمت تخشى عليها الفتنة. فإن الأصل المقرر أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر إلا بشرط الأمن من الفتنة، والقدرة على القيام بشعائر الدين، ووجود حاجة أو ضرورة تقتضي الإقامة. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 55773 ، 97245 ، 104036 ، بل إنا لنوصيك أن تراجع أنت وضع إقامتك في هذه البلاد في ضوء هذه الشروط والضوابط, فإن تحققت هذه الشروط في إقامتك فيجوز لك الاستمرار وإلا فيجب عليك أن تغادر هذه البلاد إلى بلدك أو غيرها من بلاد المسلمين.

أما ما تذكر من طلاق زوجتك والتزوج بغيرها من المسلمات المقيمات في هذا البلد فهذا جائز في الأصل ولكنه لا يحقق لك ما تريده، وما تتوجس منه فإن الفتنة لا تفرق بين مسلم عربي وغير عربي, وكذا ما ذكرت من القوانين التي تنصر المرأة بالحق والباطل فإنها لن تفرق بين امرأة من الشرق أو من الغرب، بل قد تتشدد في نصرة امرأة من أهل البلد أكثر من تشددها في حق الأجنبية. لذا فالذي يظهر – والعلم عند الله – أن أصوب الحلول وأمثلها هو أن تغادر أنت إلى بلدك وتلحق بزوجتك، وهذا الحل وإن كان صعبا – كما تزعم - إلا أنه أسلم الحلول والسلامة لا يعدلها شيء.

مع التنبيه على أنه يجب عليك أن تؤدي حقوق زوجك كاملة حال غيابك من النفقة والكسوة ونحو ذلك وإلا كنت ظالما لها, ومن حقها ألا تغيب عنها أكثر من ستة أشهر بغير إذنها إلا لحاجة شديدة, كما بيناه في الفتاوى الآتية أرقامها: 22429, 9035 , 55706 .

وأيضا فإنه لا يجب على زوجتك أن تخدم أهلك، وإرغامها على ذلك غير جائز، فإن المرأة لا يجب عليها إلا خدمة زوجها فقط. وما تذكر من خوفك من افتتان الناس بزوجك, يمكن التحرز منه بأن تسدل حجابا على وجهها عند الخروج بحيث يحجب عينيها عن نظر الرجال ولا يحول بينها وبين الرؤية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني