الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل تتعلق بالمرأة المستحاضة

السؤال

أعاني من تكيس بالمبايض، وتأخرت لدي الدورة لعدة أشهر، ثم جاءت واستمرت لحوالي شهر، ولا تزال مستمرة، وجاءت على هيئة دم أسود، وأحيانا يكون أحمر وكميته ليست كبيرة، توقفت عن الصلاة مدة 15 يوما من بداية الدورة ثم صليت بعد ذلك، لكن هيئة الدم النازل ذي لون أسود ورائحة غير مستحبة، هل تعتبر حيضا، وهل يجوز لزوجي أن يأتيني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعلته من الصلاة بعد مرور خمسة عشر يوماً من نزول الدم هو الصواب، لأن أكثر مدة الحيض عند الجمهور خمسة عشر يوماً ، فإذا تجاوز الدم هذه المدة تبين أن المرأة مُستحاضة ، والمستحاضةُ لها جميع أحكام الطاهرات من وجوب الصلاة وجواز الوطء ، وغير ذلك ، ولكن يلزمكِ أن تتحفظي فتشدي خرقة على المحل ، وتتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها ، فتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، وإذا تبين أنك مستحاضة بتجاوز خمسة عشر يوما، فيكف تعرفين مدة الحيض نقول: إن كانت لكِ عادة سابقة فإنك تجلسينها من كل شهر، وتغتسلين بعد انقضائها، وما زاد عليها فهو استحاضة.

وإن لم تكن لك عادة سابقة ، وكنت تميزين دم الحيض بصفاته المعروفة من اللون والريح والغلظ ، والألم المصاحب له، فإنكِ تجلسين ما يقضي التمييز الصالح بأنه حيض، وهذا مذهب الحنابلة في تقديم العادة على التمييز، ومذهب الشافعية تقديم التمييز على العادة.

فإن لم يكن لك عادة ولا تمييز فإنك تجلسين ستة أيام أو سبعة كغالب عادة النساء من أهلك، ثم تغتسلين بعدها، وما زاد عليها فهو استحاضة .

كما يلزمكِ قضاءُ ما تركت من الصلوات في المدة الزائدة على عادتك إلى أن عبر الدمُ خمسة عشر يوماً .

قال الشيرازي في المهذب: وان كانت معتادة غير مميزة وهي التي كانت تحيض من كل شهر أيام ثم عبر الدم عادتها وعبر الخمسة عشر ولا تمييز لها فانها لا تغتسل بمجاوزة الدم عادتها لجواز أن ينقطع الدم لخمسة عشر فإذا عبر الخمسة عشر ردت إلى عادتها فتغتسل بعد الخمسة عشر وتقضي صلاة ما زاد علي عادتها لما روي أن امرأة كانت تهراق الدم علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رضى الله عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتنظر عدد الليالى والايام التى كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتدع الصلاة قدر ذلك. انتهى.

وبما تقدم تعلمين الضابط الذي تعدين به ما ترينه من الدم حيضاً أو استحاضة ، ولا حرج في أن يأتيكِ زوجك ، في مُدة الاستحاضة بعد انقضاء المدة التي اعتبرتها حيضاً .

قال النووي في شرح المهذب: يجوز عندنا وطء المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر، وان كان الدم جاريا وهذا لا خلاف فيه عندنا قال القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والعبدرى وهو قول أكثر العلماء ونقله ابن المنذر في الإشراف عن ابن عباس وابن المسيب والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وقتادة وحماد بن أبي سليمان وبكر بن عبد الله المزني والأوزاعي ومالك والثوري وإسحق وأبى ثور قال ابن المنذر وبه أقول وحكى عن عائشة والنخعي والحكم وابن سيرين منع ذلك، وذكر البيهقي وغيره أن نقل المنع عن عائشة ليس بصحيح عنها بل هو قول الشعبى أدرجه بعض الرواة في حديثها، وقال احمد لا يجوز الوطء إلا أن يخاف زوجها العنت، واحتج للمانعين بأن دمها يجرى فأشبهت الحائض، واحتج أصحابنا بما احتج به الشافعي في الأم وهو قول الله تعالى (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن) وهذه قد تطهرت من الحيض واحتجوا أيضا بما رواه عكرمة عن حمنة بنت جحش رضى الله عنها أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها رواه أبو داود وغيره بهذا اللفظ باسناد حسن. وفى صحيح البخاري قال قال ابن عباس المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت. الصلاة أعظم، ولأن المستحاضة كالطاهر في الصلاة والصوم والاعتكاف والقراءة وغيرها. انتهى .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني