الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل استحضار الوقوف بين يدي الله يوم القيامة

السؤال

ما السبيل للتفكر في اليوم الآخر واليقين أن كل البشر سيدخلون القبر، وسيقفون يوم القيامة للحساب؛ لأن هنالك من البشر الكثير قد غابت عنهم هذه الأمور؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي غمرة الدنيا وتقلباتها يحتاج المرء إلى أن يتعاهد نفسه بتذكيرها باليوم الآخر، لتزداد إيمانا ويقينا. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {الحشر:18 ، 19}

وسبيل ذلك:

1- إدامة النظر في كتاب الله تعالى، وتدبر آياته والتفكر فيها، خاصة الآيات التي تصف أهوال يوم القيامة، وكذلك الأحاديث التي تتعلق بذلك. قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في فصل (الخوف يثمر الورع والاستعانة وقصر الأمل وقوة الإيمان باللقاء):

وملاك ذلك كله: أمران أحدهما : أن تنقل قلبك من وطن الدنيا فتسكنه في وطن الآخرة، ثم تقبل به كله على معاني القرآن واستجلائها وتدبرها وفهم ما يراد منه وما نزل لأجله، وأخذ نصيبك وحظك من كل آية من آياته تنزلها على داء قلبك. فإذا نزلت هذه الآية على داء القلب برئ القلب بإذن الله. اهـ

2- الحرص على سماع المواعظ الدينية، ومطالعة الكتب التي تصف فتنة القبر وأهوال يوم القيامة وصفة الجنة والنار، مثل كتاب القيامة الصغرى، وكتاب القيامة الكبرى، ضمن سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة للدكتور: عمر سليمان الأشقر، وغيرها، وذلك لأن اليقين كما يزيد بالأدلة والبراهين، فإنه يزيد أيضا بمطالعة التفاصيل، وكلما كان اطلاع الشخص على تفاصيلها أكثر كان إيمانه بها أعظم.

3- لزوم الأجواء الإيمانية ومجالسة الصالحين، يقول الحسن البصري: إخواننا عندنا أغلى من أهلينا، أهلونا يذكروننا الدنيا، وإخواننا يذكروننا الآخرة.

4- الحذر من فتنة المال والأهل والولد، قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ {التغابن:15}

5- قصر الأمل، قال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. {الحجر:3} وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.

6- تجنب الإفراط في المباحات من أكل، وشرب، ونوم، وكلام، وخلطة، فكثرة الأكل تبلد الذهن ، وتثقل البدن عن طاعة الله، وتغذي مجاري الشيطان في الإنسان، والإفراط في الكلام يقسي القلب، والإفراط في مخالطة الناس تحول بين المرء ومحاسبة نفسه والخلوة بها، والنظر في تدبير أمرها، وكثرة الضحك تقضي على مادة الحياة في القلب فيموت لذلك، قال صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب. رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.

7- ولا بد أن يصحب ذلك كله الدعاء بأن يجدد الله إيمانك ، فقد روى الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم.

وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 17066، 69768، 113672

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني