الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقتراف الاستمناء معصية لا كفر

السؤال

أنا صاحب السؤال رقم 2232749 وأريد أن أعرف وأن أفهم هل الاستمناء في هذه الحالة يعتبر كفرا بالنسبة لي، وهل لو حصل معي مرات عديدة في المستقبل الشيء نفسه، فهل أنا كافر وأحتاج إلى توبة من ذلك؟ وكيف سأتوب منه وهو خارج عن نطاق الإرادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاستمناء معصية كما سبق أن ذكرنا في إجابتنا على السؤال المذكور، لكن المعصية شيء والكفر شيء آخر، فالاستمناء ليس بكفر، حتى وإن كان مصحوبا بوساوس كفرية؛ فإن الله بمنه ورحمته لا يؤاخذ الإنسان بما يوسوس في صدره، ما لم يتكلم به أو يعمل كما سبق بيانه، وقد أمرناك هناك بترك الاستمناء؛ لأن تركه مطلوب منك ومن غيرك، سواء كان مصحوبا بوساوس أم لا، وغاية ما قلناه أنه يتأكد عليك ترك الاستمناء لقبحه في نفسه، ولما يصحبه من وساوس كفرية، إلا أن ذلك لا يعني أنك محاسب على تلك الوساوس، ولا أن الاستمناء في تلك الحالة يعتبر كفرا.

وكذلك تكرر الاستمناء ليس بكفر. وأما قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا {النساء: 137} فقد قال ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عمن دخل في الإيمان ثم رجع عنه ثم عاد فيه ثم رجع واستمر على ضلاله وازداد حتى مات فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجا ولا مخرجا ولا طريقا إلى الهدى. اهـ

وإذا كان الكافر تقبل توبته قبل موته ولو تكرر منه الكفر، فقبول توبة العاصي الذي تكررت منه المعاصي أولى بالقبول.

قال الشيخ السعدي في تفسيره لها: ودلت الآية أنهم إن لم يزدادوا كفرا بل رجعوا إلى الإيمان وتركوا ما هم عليه من الكفران فإن الله يغفر لهم ولو تكررت منهم الردة، وإذ كان هذا الحكم في الكفر فغيره من المعاصي التي دونه من باب أولى أن العبد لو تكررت منه ثم عاد إلى التوبة عاد الله له بالمغفرة.

وأخيرا فإن المطلوب منك أن تتوب من الاستمناء، كما يطلب من كل مسلم أن يتوب من سائر المعاصي، أما تلك الوساوس فقد بينا مرارا وتكرارا أنك لست مؤاخذا بها.

وتحصن يا أخي بالأذكار عموما وبآية الكرسي وبالمعوذات، ودوام عليها مع أذكار الصباح والمساء وفي أدبار الصلوات وعند النوم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني