الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتناء الكتب الدراسية المحتوية على صور لذوات الأرواح

السؤال

رجل يسأل فضيلتك يا شيخ عن أن زوجته درست علوم الحيوانات، وحصلت على ماجستير في ذلك، وتعمل الآن في هذا التخصص، لديها كتب وأيضا رسالة الماجستير الخاصة بها تحتفظ بهم في البيت الذي تعيش فيه مع زوجها. زوجها يسأل هل يجب التخلص من هذه الكتب العلمية ورسالة ماجستير زوجته لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صور، والزوج سمع أن أجر أهل البيت الذي فيه صور ينقص أجرة أهل البيت من الحسنات يوميا جبلين كل منهم مثل جبل أحد .
وماذا يفعل إذا رفضت الزوجة التخلص من الكتب بدعوى أهميتها وغلو ثمنها ومجال تخصصها، وأن الزوج كان يعلم تخصصها قبل نكاحها، علما بأن الصور التى في الكتب صور حيوانات أو ذوات أرواح وربما أشخاص لمقارنتهم بالحيوانات في بعض أوجه هذا العلم - لم يطلع الزوج على ما بداخلها- الكتب مغلقة ولا تفتح إلا عند الاطلاع عليها بمعنى أن الصور ليست معلقة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتصوير الفوتوغرافي- وهو الذي يستعمل غالبا في الكتب محل السؤال- مختلف فيه بين أهل العلم، والذي نميل إليه الجواز ما لم يعرض فيه ما يحرمه، كأن تكون الصورة لامرأة متبرجة أو لقصد التعظيم، فإن لم يعرض فيه ما يمنعه فالأظهر فيه الجواز، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 680. وراجع تفصيل حكم مختلف أنواع التصوير في الفتويين: 100299، 119052.

ومن ناحية أخرى فمثل هذه الكتب المذكورة في السؤال إنما تستعمل فيها الصور بغرض التعليم، وقد لا يكون لها بديل، ولاسيما في المجال الدراسي المذكور في السؤال، وهذا مما يخفف حكمها، ويؤكد جوازها. وما كان بهذا المثابة من الخلاف المعتبر، فيمكنك أن تناصح فيه زوجتك بما تراه راجحا، لكن بتلطف وبغير إنكار وتشديد أو تجريح وتعنيف، فإن المسألة من موارد الاجتهاد عند العلماء، كما نبهنا عليه في الفتوى رقم: 106958.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم بيع الكتب العلمية المحتوية على صور؟ فقال: الكتب التي بها صورة تنقسم إلى قسمين: قسم موضوع للصور، مثل ما يسمى الآن بمجلة البردة هذه، هذا فلا يجوز شراؤها ولا اقتناؤها؛ لأنه المقصود بها أولاً وآخراً الصور، وقسم آخر لا يقصد به الصور إنما يقصد به الفائدة لكن قد يشتمل على صورة الذي كتب المقال، فهذه لا بأس من اقتنائها؛ لأن التحرز منها شاق وبيعها جائز؛ لأنه متى جاز استعمالها جاز بيعها. أما لو كانت صور نساء فالأمر كما قلت لك: هل تشترى من أجل الصورة؟ حسب القصد. اهـ.

وأما كون أجر أهل البيت الذي فيه صور ينقص منه كل يوم جبلان كلاهما كجبل أحد. فهذا ليس بصحيح، وقد اختلط ذلك على السائل بمسألة اقتناء الكلب، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما أهل دار اتخذوا كلبا إلا كلب ماشية أو كلب صائد نقص من عملهم كل يوم قيراطان. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

ولم يرد مثل ذلك في ما نعلم في البيت الذي فيه تصاوير. وإنما الذي ورد هو امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه تصاوير، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. متفق عليه.

وهذا في الممنوع من الصور شرعا، وأما المأذون فيه فلا يمنع دخول الملائكة، فعلى القول بجواز الصور الفتوغرافية فإنها لا تمنع دخول الملائكة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 120199.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني