الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بر الوالدين لا ينقطع على كل حال

السؤال

أهلي يؤذون زوجي، ولا يصلون الرحم أي لا يزورونني أو يتصلون بي على الرغم أني أسكن بعيدة عنهم بـ 30 كم فقط .هل من واجبي زيارتهم والسؤال عنهم على الرغم من أن هذا يزعج زوجي؟ هل أنال حراما إن لم أكلمهم علما بأنهم لا يكلمونني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصلة الرحم من أعظم الواجبات وأفضل القربات، كما أن قطيعتها من أعظم الكبائر الموبقات، والواصل – على الحقيقة - هو الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه ، أما الذي يقتصر في الصلة على من وصله وأحسن إليه، فهذا مكافئ لا واصل. وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.

فإن أردت أن تحوزي ثواب صلة الرحم فاصبري على أذى أرحامك وتقصيرهم وقطيعتهم ، وتذكري قول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وقد جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وقد سبق الحديث عن حرمة القطيعة في الفتوى رقم: 113287.

فإن كان في جملة أهلك كلا الوالدين أو أحدهما فهنا يتأكد أمر الصلة، ويصبح فرضا متحتما لا يسعك تركه بحال. وراجعي الحديث عن بر الوالدين في الفتوى رقم: 36657.

وأوصي زوجك أيضا بالصبر على أهلك والعفو عنهم، وذكريه بثواب العفو والصفح. وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتويين رقم: 110312، 111346.

فإن لم يكفوا عن إيذاء زوجك ولم يطق صبرا عليهم فلا حرج عليه أن يعتزلهم تجنبا لشرهم وأذاهم، ولكن لا يجوز له أن يأمرك بقطيعتهم. وقد سبق أن بينا حكم منع الزوجة من زيارة أهلها في الفتوى رقم: 112369

مع التنبيه على أن محل عدم جواز منع الزوجة من زيارة أهلها هو في حال عدم وجود ضرر يعود على الزوج من ذلك، أما إذا خاف حصول ضرر له من زيارتهم كأن كانوا من أصحاب المعاصي، وهو يخشى على زوجته منهم أن يضيعوا دينها ويفسدوا أخلاقها، أو كانوا ممن يحاولون الإيقاع بينه وبين زوجته، ويغرونها بعصيانه والتمرد على طاعته فله حينئذ منعها. وذهب المالكية إلى أنه لا يمنع أبويها من زيارتها حتى ولو كانا مسيئين، ولكن ترافقهما أثناء زيارتهما – في هذه الحالة - امرأة أمينة.

جاء في التاج والإكليل: وإن اشتكى ضرر أبويها فإن كانا صالحين لم يمنعا من زيارتها والدخول عليها، وإن كانا مسيئين واتهمهما بإفسادها زاراها في كل جمعة مرة بأمينة تحضر معهم. انتهى.

ولا حرج أن تخرج هي لزيارتهما بصحبة امرأة أمينة أيضا.

جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: فإذا ادعى الزوج إفساد أبويها لها وأثبت دعواه ببينة قضي بخروجها مع أمينة وأجرة الأمينة على الأبوين لأنهما ظالمان، والظالم أحق بالحمل عليه وقد انتفعا بالزيارة، فإن كان ضرر الأبوين مجرد اتهام فالأجرة على الزوج لانتفاعه بالحفظ .انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني