الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يستجاب دعاء الأم على ابنتها ساعة غضب

السؤال

دعاء الأم على ابنتها :
قبل سنة ونصف مررت بمحنة مع أمي وفي ساعة غضب دعت علي أن يحرمني الله من الزواج طوال عمري وأمي من النوع الذي لا يناقش الفتاة ولا يحادثها بأمنياتها في الزواج البتة، مررت بالمحنة التي ذكرتها قبل قليل كلما أرادت عائلة خطبتي، حيكت لي المؤامرات والمكائد في الجامعة لصرف الشاب وأهله عني، ودراستنا ليست مختلطة ومناقشة قضية زواجي من الأمور التي تكره أمي الخوض فيها حدثت معي أول قصة، أراد شاب خطبتي لأنني فتاة ملتزمة ترصد لي بعض الفتيات وتعرضت لافتراءات ومؤامرات استمرت 5 أشهر لصرف الشاب عني، دعوت الله بأدعية، وكنت قد نسيت دعاء أمي علي كلها لتيسير الخطوبة، قلت يا رب فلان أو من هو خير منه، فحلم في المنام بدعائي، والذي لم أكن قد ذكرته أمام أحد: دعاء طويل عريض باسم هذا الرجل وكنت قد دعوت به فعلا ودعاء قصير: أو من هو خير منه، وأن الله سيجيب الدعاء القصير لا الدعاء الطويل ورأى بأن الله يريد لي من هو خير من هذا الرجل، وخائفة أنا من دعاء أمي علي ولكنني فهمت من الأحلام التي رآها هذا الرجل بأدعيتي التي لم أكن قد ذكرتها أمام أحد، حلم ببعض الأمورالمحزنة التي في خيالي، حلم بأمور أتمناها وحلم بي أقول له : لست نصيبي، نصيبي من هو خير منك وسأطلب من الله أن يختار لي نصيبي.
ودعاء ربي أنت اختر لي نصيبي، لا أدعوك بهذا الرجل بعد اليوم كنت قد قلته قبلها بيوم، ولم أقله أمام أحد إلا الله فرآه الرجل في منامه، فعلمت أنه دعاء خير وصرت أردده: إذ إن ما حدث هو: أنني عندما علمت أن هذا الشاب يريد خطبتي تمنيته ودعوت الله بإزالة العوائق الموجودة حتى يخطبني وذكرتها عائقا عائقا وقلت يا رب أو من هو خير منه، فلما رأى في نومه أن الله يريد لي من هو خير من هذا الرجل، وأخته هي من تنقل ما رآه في نومه للفتيات في الجامعة، وأنا لم أحادث هذا الرجل قط ولا شأن لي به، علمت بأن ما يراه هو تحذيرات وتنبيهات من الله عز وجل، كما أنه يرى في منامه الأمور التي أتمناها من زواجي وأنه علي أن أتذكر دوما أنني أريد أن أكون زوجة وأما.
فهل يعني هذا أن الله رحمني من دعاء أمي علي؟ لا أستطيع مناقشتها في موضوع رغبتي في الزواج؟ إذ إنها تكره هذا الموضوع نظرا لبعض الظروف التي يطول شرحها؟ هل علي أن أفاتحها في الموضوع وأقول لها أمي أنت دعوت علي؟ أم أعتمد وأتوكل على رحمة الله، وأقول الله أرحم بنا وأرفق من أن يجيب دعاء أم أو أب على أبنائهم في ساعة غضب؟.
وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما دعاء الأم على ابنتها فإنه لا يجوز أصلا كما بيناه في الفتويين رقم: 52971، 79076.

وإذا وقع الدعاء ساعة غضب فإنه غير مستجاب ـ إن شاء الله ـ لقوله سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس: 11}.

جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم،لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم. انتهى بتصرف.

ولا ننصحك بمفاتحة أمك في هذا لأنه قد يسيئها، بل تجاهلي هذا كله وأقبلي على ما ينفعك من برها والقيام بمصالحها والحرص على ما يدخل عليها السرور والرضا، ثم اطلبي منها الدعاء لك لأن دعاءها لك مستجاب ـ إن شاء الله ـ كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرناؤوط والألباني.

وما دمت تعلمين كراهة أمك للحديث في أمر الزواج فلا تحدثيها فيه، وتوكلي على الله سبحانه، وأكثري من دعائه والإلحاح عليه، وثقي أن ما قدره لك سيكون، ولن يستطيع أحد من الخلق أن يحول بينك وبينه، ويمكنك التحدث في الأمور الخاصة بالزواج مع وليك، سواء كان أبا أو أخا أو غيرهما فهو صاحب القرار في تزويجك، وإن أردت الاستشارة فيمكنك أن تطلبيها ممن تثقين في دينه وخلقه من ذات رحم أو صديقة ونحو ذلك.

وأما ما يراه هذا الرجل في نومه من رؤيا فلا تشتغلي بها، سواء كانت حقا أو كانت أضغاث أحلام، ولا يجوز لأخته أن تداوم على الحديث بما يراه في نومه لزميلاتها خصوصا فيما يتعلق بأمر الزواج فهذا قد يكون سبب فتنة له ولهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني