الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عصب الجروح في الإحرام

السؤال

بعد الحج في العام الماضي تذكرت أن أحد أصابع قدمي كان به بثره (خراج صغير) وكنت عند أداء مناسك الحج كالطواف والصلاة وغيرها من المناسك أتوضأ ثم أربط على الجرح وأقوم بالمناسك من طواف وصلاة وغيرها . هل حدوث نزيف من الجرح أثناء ربطه أثناء الطواف والصلاة يبطل الحج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن خروج دم الجروح ليس مبطلا للإحرام في قول أحد من العلماء، وإنما الخلاف في خروج الدم من غير السبيلين هل هو ناقض للوضوء أو لا؟ والراجح عندنا أنه لا ينقض الوضوء كما هو مبين في الفتوى رقم 27157.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا كان الإنسان معتمرًا وكان به جرح فخرج منه دم، فإن ذلك لا يؤثر على عمرته شيئًا، وكذلك لو كان حاجًا وكان به جرح فخرج منه دم، فإن ذلك لا يؤثر في حجه شيئًا، وكذلك لو جُرح حال الإحرام، فخرج منه دم فإن ذلك لا يؤثر في نسكه شيئًا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم، ولم يؤثر ذلك على نسكه شيئًا.

وطوافك وصلاتك صحيحان إن كانت إزالة تلك النجاسة تشق عليك فإن اجتناب النجاسة في الصلاة وكذا الطواف شرط مع العلم والقدرة على ما هو مبين في الفتوى رقم: 111752. وكذا إن كان الدم الخارج يسيرا معفوا عنه، وأما إذا كان الدم كثيرا لا يعفى عنه وكانت إزالته ممكنة وطفت طواف الإفاضة والحال هذه فإنه يلزمك أن تقصد إلى مكة فتطوف، وكذلك يلزمك أن تسعى إن كنت مفردا أو قارنا ولم تسع بعد طواف القدوم أو كنت متمتعا، وذلك لأن اجتناب النجاسة شرط من شروط صحة الطواف عند أكثر أهل العلم.

قال في حاشية الروض: وحاصل كلامه أنه يشترط لصحة الطواف عشرة أشياء: النية وستر العورة والطهارة من الحدث والخبث... إلخ. انتهى.

ودليل ذلك ما يروى عن ابن عباس واختلف في رفعه ووقفه: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام.

فإن عجزت عن إتيان مكة فحكمك حكم المحصر تتحلل بذبح هدي بنية التحلل وتحلق أو تقصر لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. {البقرة: 196}. فإن عجزت عن الهدي صمت عشرة أيام قياسا على العاجز عن دم التمتع. هذا فيما يتعلق بخروج الدم من الجرح.

وأما ربطك لإصبعك فتجب عليك فيه الفدية عند بعض العلماء ولا تجب عليك به فدية عند بعضهم على ما هو مبين في الفتوى رقم: 102610. والأحوط بلا شك هو إخراج الفدية وهي على التخيير بين ذبح شاة وصيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، وإن كان القول بعدم لزوم الفدية في هذه الحال قولا قويا قال العلامة ابن جبرين رحمه الله: ولا يلزمه شيء إذا جرح أو شج فستر جرحه بخرقة أو شاشة ونحو ذلك. انتهى.

وقد ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه جملة من الآثار عن السلف تدل على جواز عصب الجروح في الإحرام، فمنها عن أبي جعفر الباقر قال: لا بأس أن يعقد على القرحة، وعن سعيد بن المسيب قال: لا بأس أن يعقد المحرم على الجرح، وعن عطاء قال: لا بأس أن يعصب على الجرح، وعن مجاهد قال: إذا كسرت يد المحرم وإذا شج عصب عليها، قال منصور: وليس عليه شيء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني