الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب الحنفية في قصر وجمع الصلاة

السؤال


أنا أعمل في القطارات وـ تقريبا ـ أسافر عشر مرات في الشهر ـ ومذهبي حنفي ـ فكيف أقصر وأجمع الصلاة؟ علما بأن أقل سفرة لا تقل عن: 200كم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب الحنفية أن قصر الرباعية واجب في السفر، وشرط ذلك أن يكون بين البلدة التي يخرج منها والبلدة التي يقصدها مسيرة ثلاثة أيام، ولا يستبيح القصر إلا إذا جاوز بيوت بلده، ويقصر ما دام مسافرا حتى يعود إلى بلده أو ينوي إقامة خمسة عشر يوما، جاء في متن الاختيار من كتب الحنفية: باب صلاة المسافر وفرضه في كل رباعية ركعتان، ويصير مسافرا إذا فارق بيوت المصر قاصدا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام، ولا يزال على حكم السفر حتى يدخل مصره، أو ينوي الإقامة خمسة عشر يوما في مصر أو قرية، وإن نوى أقل من ذلك فهو مسافر وإن طال مقامه. انتهى بتصرف.

واختلف فقهاء الحنفية في تحديد مقدار مسيرة الأيام الثلاثة بالفراسخ، فقيل: خمسة عشر فرسخا، وقيل: ثمانية عشر فرسخا، وأكثر ما قيل ـ حسب ما رأيناه في كتبهم ـ هو واحد وعشرون فرسخا.

وعلل ذلك ابن عابدين في حاشيته باختلاف البلدان، جاء في حاشية ابن عابدين: وكذا ما في الفتح من أنه قيل: يقدر بأحد وعشرين فرسخا، وقيل: بثمانية عشر، وقيل: بخمسة عشر، وكل من قدر منها اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام. انتهى.

أي بناء على اختلاف البلدان، فكل قائل قدر ما في بلده من أقصر الأيام. انتهى.

وقال ابن نجيم في البحر الرائق: وفي النهاية: الفتوى على اعتبار ثمانية عشر فرسخا، وفي المجتبى فتوى أكثر أئمة خوارزم على خمسة عشر فرسخا. انتهى.

وعلى كل تقدير، فإن المسافة التي ذكرتها تزيد على ما قدروا به مسيرة الأيام الثلاثة بكثير، إذا كانت من آخر العمران في بلدك.

وبهذا التقرير تعلم أن الواجب عليك ـ على مذهب الحنفية ـ هو أن تقصر الصلاة الرباعية ما دمت تخرج من بلدك قاصدا سفرا يبلغ مسيرة ثلاثة أيام ولا تنوي إقامة خمسة عشر يوما، إلا أن تأتم بمقيم فإنك تتم عندهم وعند الجماهير.

وأما الجمع بين الصلاتين، فإن الحنفية لا يجيزونه أصلا إلا بعرفة ومزدلفة وهو عندهم للنسك، قال الحصكفي في الدر المختار: ولا جمع بين فرضين في وقت بعذر سفر ومطر، خلافا للشافعي وما رواه محمول على الجمع فعلا لا وقتا، فإن جمع فسد لو قدم الفرض على وقته، وحرم لو عكس أي أخره عنه، وإن صح بطريق القضاء إلا لحاج بعرفة ومزدلفة، كما سيجيء. انتهى.

وقد بينا في فتاوى سابقة أننا نرجح خلاف مذهب الحنفية في بعض المسائل، فالقصر عندنا سنة لا واجب وهو قول الجمهور، والمدة المبيحة للترخص هي ما دون أربعة أيام في قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 115280 ، والمسافة المبيحة للقصر هي أربعة برد وهي ما يعادل ثلاثة وثمانين كيلوا مترا وهو قول الجمهور، والجمع جائز للعذر، وقد بينا الأحوال المبيحة للجمع، فانظرها في الفتوى رقم: 6846.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني