الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يسقط الحق بالتقادم ولو سقط قبول الدعوى به

السؤال

أطالب رجلا بمبلغ من المال مقابل إيجارات مستحقة قديمة لمدة أربع سنوات، وكان يماطلني بالسداد حتى رفعت عليه شكوي بعد مضي أربع سنوات، فأفاد المحامي الخاص له بأن دعوتي باطلة بسبب طول المدة، وأن الشيخ محمد إبراهيم أفتى بذالك، وأن من طالت مدته ولم يطالب بحقه فلا حق له.
فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحقوق لا تسقط بالتقادم، أما قبول الدعوى وسماعها فتسقط به ـ عند بعض أهل العلم ـ إذا مر عليها زمن طويل، لأن العادة تدل على أن صاحب الحق لا يترك حقه لمدة طويلة، وقد جرى العمل في كثير من البلدان على تحديد مدد لرفع الدعاوى، وهذه المدد تختلف بحسب البلدان وحسب نوع الدعوى، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لولي الأمر منع القضاة من سماع الدعوى في أحوال بشروط مخصوصة، ومن ذلك منع سماع الدعوى في بعض الحالات بعد مدة محددة معلومة، ومع أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان، إلا أن وجه هذا المنع هو تلافي التزوير والتحايل، لأن ترك الدعوى زماناً مع التمكن من إقامتها، يدل على عدم الحق ظاهراً، وعدم سماع الدعوى بعد المدة المحددة ليس مبنياً على سقوط الحق في ذاته، وإنما هو مجرد منع القضاة عن سماع الدعوى مع بقاء الحق لصاحبه حتى لو أقر الخصم يلزمه، ولو كان التقادم مسقطاً للحق لم يلزمه. انتهى.

أما فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم: فلا نعلم عنه أنه أفتى بأنه لا حق لمن طالت مدته، والمنقول عن الشيخ هو المنع من سماع الدعوى إذا طالت المدة، كما هو قول الحنفية وقد وافقهم ابن القيم أيضاً، وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ما نصه: فقد جرى الاطلاع على استرشادكم بخصوص إقامة الدعوى بعد مدة طويلة كثلاثين سنة أو عشرين، هل تسمع هذه الدعوى أو لا؟ ونفيدكم أن هذه مما يقتضي العرف بكذبها فلا تسمع إذا لم يذكر المدعى مانعاً يمنعه من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من العذر المانع من المطالبة بالحقوق ولم يكن بينه وبين المدعى عليه قرابة ولا شركة في ميراث أو ما أشبه مما يتسامح فيه الأقرباء بينهم، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه: الطرق الحكيمة ـ ما نصه: وأما المرتبة الثالثة فمثالها: أن يكون رجل حائزاً لدار متصرفاً فيها السنين العديدة الطويلة بالبناء والإجارة والعمارة وينسبها إلى نفسه ويضيفها إلى ملكه وإنسان آخر يراه ويشاهد أفعاله فيها طوال هذه المدة وهو مع ذلك لا يعارضه ولا يذكر أن له فيها حقاً ولا مانعاً يمنعه من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من الضرر المانع من المطالبة، ولا بينه وبين المتصرف في الدار قرابة ولا شركة في ميراث أو ما أشبه ذلك مما يتسامح فيه القرابات والصهر بينهم، بل كان بريئا من جميع ذلك ثم جاء بعد طول المدة هذه يدعيها ويزعم أنها له ويريد أن يقيم بذلك بينة فدعواه غير مسموعة أصلاً فضلاً عن بينته. انتهى.

وهل الدعوى موضوع السؤال والمدة المذكورة مما يمنع سماعه؟ فهذا مرده إلى المحاكم الشرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني