الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحوادث يمكن منعها إذا شاء الله تعالى

السؤال

أنا أعمل في شركة إنتاج نفط، والشركة لديها هدف وهو: أن لا تكون هناك أي حوادث في العمل، والمسئولون في الشركة تبنوا هذه المقولة وهي: أن كل الحوادث يمكن منعها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأخذ بالأسباب لا ينافي الإيمان بالقدر، بل إنه من تمامه، فالله عز وجل أراد بنا أشياء، وأراد منا أشياء، فما أراده بنا طواه عنا، وما أراده منا أمرنا بالقيام به، وأمرنا بالحرص على ما ينفع والأخذ بالأسباب ثم التسليم إذا حدث شيء على غير مراد الإنسان أو شيء مما فيه ضر.

وقول شركتكم: كل الحوادث يمكن منعها، من الأخطاء الواقعة في باب الإيمان بالقضاء والقدر والذي ينبغي تجنبه، لقوله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً {الكهف:23،24}.

قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره للآية: هذا إرشاد من الله لرسوله الله صلوات الله وسلامه عليه إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عز وجل علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة - وفي رواية: تسعين امرأة ـ وفي رواية: مائة امرأة - تلد كل امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقيل له - وفي رواية: فقال له الملك - قل: إن شاء الله، فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركا لحاجته، وفي رواية: ولقاتلوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون. انتهى.

فانصحهم بتقييد هذا بالمشيئة، فيقال: كل الحوادث يمكن منعها ـ إن شاء الله ـ فإن ترك المشتبهات من العبارات التي تحتمل معنى صحيحا ومعنى خاطئا هو اللائق بالمسلم، هذا مع ما في ذكر الله والتقييد بمشيئته من البركة والتوفيق، كما سبق في حديث نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وراجع الفتوى رقم:78470 وما أحيل عليه فيها وهي تتعلق بالعلاقة بين القدر والأخذ بالأسباب وبيان عدم تعارض ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني