الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مبنى الأدعية على الاتباع لا الابتداع

السؤال

ما حكم الأذكار والتصاريف بالأسماء الإدريسية، مثل ذكر يا قاهر ذا البطش الشديد أنت الذي لا يطاق انتقامه؟ وأيضا ما حكم ذكر الصلاة على الرسول بصيغة الصلاة النارية أو المنجية؟ مع العلم بأن المشايخ قد أوضحوا بأن المناجاة هنا من الله عز وجل، وليست من الرسول في هذه الصيغ ؟ أوضحوا لنا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية ننبه على أن الله تعالى قد كفانا وأغنانا بكتابه المجيد وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. رواه الدارمي.

ولا يخفى أن ما يعرف بالأسماء الإدريسية لم تخرج من مشكاة النبوة، وهذا وحده كاف لاجتنابها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 135897.

فإذا اجتمع مع ذلك محذور شرعي كتسمية الله بما لم يسم به نفسه، كان المنع آكد والحظر أشد، وفي هذه الأسماء الإدريسية شيء من ذلك، نحو هذه العبارات: يا زاكي ... يا نقيا ... يا تامّ ... يا عجيب الصنائع .. الخ. وراجعي هاتين الفتويين: 6009، 127333.

وكذلك الصلاة التي تسمى بـ (النارية) لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع اشتمالها على معانٍ باطلة مخالفة للشريعة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3784.

وأما ما ورد في السؤال من دعوى المشايخ أن هذه المناجاة من الله عز وجل وليس من الرسول صلى الله عليه وسلم. فإن كان المراد بذلك أنهم أخذوها عن الله مباشرة، كما يزعم ذلك كثير من المتصوفة، ويقول قائلهم: (حدثني قلبي عن ربي)!. ويقول: (أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت)!. ويقول: (أنتم تأخذون عن عبد الرزاق ونحن نأخذ عن الواحد الخلاق)!. ونحو هذه العبارات التي تفتح أبواب الضلالة والافتيات على الشريعة ومخالفة السنة، ولا شك أن هذا افتراء وإفك مبين يقال لأصحابه: ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {الأحقاف: 4}

ويقال لهم: فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {القصص: 49} ولأصحاب هذه الدعوى العريضة حظ وافر ونصيب كبير من مشابهة أهل الكتاب الذين افتروا على الله الكذب، فقال الله عنهم: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران: 78}

ثم نعود ونذكر بأن هذا الدين القويم مبناه على الاتباع، مجاف للابتداع، ولذلك قعد العلماء قاعدة: الأصل في العبادات التوقيف. وقد سبق بيانها في الفتويين: 127965، 26489 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني