الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الأرحام لابتداعهم في الدين

السؤال

إخوة زوجتي يشككون في نقل السنة ويقولون إننا لا نأخذ بالحل والحرمة إلا مما نص عليه في القرآن، وذلك بعد أن أسقطوا أهل العلم جميعا ـ السلف منهم والخلف ـ ويقولون ـ أيضا ـ إن النبي صلي الله عليه وسلم ليس له حق التشريع في الحل أو الحرمة مستدلين ببعض الآيات منها: قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ـ واجتهاده في أخذ الفداء من أسري بدر وأنه على غير ما أراد الله، وبهذا يفرقون بين النبي والرسول ويقولون إن الرسول ليس عليه إلا البلاغ ـ أي إبلاغ القرآن ـ وهذا القرآن فيه تبيان لكل شيء ولا نحتاج إلى شيء غيره ـ وبمعني أوضح أصبحوا قرآنيين ـ ولذا أمرت زوجتي بقطع أي اتصال بهم، أو السؤال عنهم حتى من خلال الهاتف خشية الفتنه عليها، فهل هذا قطع للرحم؟ لأنها تقول إن الله أمر بصلة الأب والأم وهما كافران فبالقياس لا يقاطع الإخوة من أجل هذا، لأن قطع الرحم معصية، ولا تجوز طاعة الزوج في معصية الخالق.
أرجو التكرم وإفادتنا في هذا الأمر، وهل تصلهم بالاتصال بهم؟ أم تقاطعهم؟ ولا يكون عليها إثم.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما ما يتعلق بالفئة التي تسمى: بالقرآنيين ـ فقد سبق بيان حكمهم وما هم عليه من الباطل والرد عليهم، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 25570، 31742، 4588، 108792.

وكذلك سبق بيان حكم مصاحبتهم في الفتوى رقم: 52104.

وأما مسألة قطع رحم هؤلاء: فلا حرج فيه، وهو من باب الإنكار عليهم في بدعتهم المضلة، ويتأكد هذا بما ذكره السائل من أنه يخشى على زوجته الفتنة بهم، وقد قال النووي في روضة الطالبين: إن كان الهجران لعذر ـ بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة، أو فسق، أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر، أو المهجور ـ فلا تحريم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه صلى الله عليه وسلم الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعضا. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من كان مبتدعا ظاهر البدعة وجب الإنكار عليه، ومن الإنكار المشروع أن يهجر حتى يتوب، ومن الهجر امتناع أهل الدين من الصلاة عليه لينزجر من يتشبه بطريقته ويدعو إليه، وقد أمر بمثل هذا مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وغيرهما من الأئمة. اهـ.

وقد نص بعض أهل العلم على إباحة هجر من يضر بدين المرء، أو دنياه، فنقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن الحافظ ابن عبد البر قوله: وأجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث، إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه، أو يدخل منه على نفسه، أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 24833، ورقم: 125620.

ومع ذلك، فإن السائل الكريم ينبغي أن يستفرغ وسعه في نصيحة أصهاره، استنقاذا لهم من الضلالة، وإبراء لذمته، وإعذارا إلى الله بأداء الأمانة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني