الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الإخلاص في التوبة إلى الله تعالى

السؤال

لقد عصيت الله كثيرا، وفي هذه الأيام حصلت على عقد عمل لمدة سنة وبعدها يمكن الحصول على هذا العمل وقد حمدت الله على هذا الرزق، ولكن لم أكف عن فعل المعاصي، ولما علمت أن هناك احتمال أن لا أحصل على العمل حدثت نفسي بالتوبة وقلت إنه من الممكن أي يكون عدم حصولي على العمل بسبب المعاصي، فهل توبتي في هذه الحالة تحتاج إلى إخلاص؟ وماذا أفعل الآن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الذنوب والمعاصي من أسباب الحرمان من الرزق، قال ابن القيم في بيان آثار الذنوب: ومنها حرمان الرزق، وفي المسند: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ـ وقد تقدم، وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر، فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي. هـ.

وراجع في ذلك الفتويين رقم: 4188، ورقم: 46551.

ومع ذلك، فلا يصح أن تتجرد نية التائب للتخلص من هذه الآثار الضارة، بل لابد أن يسبق ذلك ابتغاء وجه الله تعالى بالتوبة، خوفا من عقابه، ورجاء في ثوابه ، وراجع الفتوى رقم: 65647.

ولذلك فأول شروط التوبة النصوح: الإخلاص لله فيها قال الشيخ العثيمين وهو يعد شروط التوبة: الشرط الأول: الإخلاص لله بتوبته ـ بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء، أو سمعة، أو خوفاً من مخلوق، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا ـ فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله - عز وجل - والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله تعالى فيها. هـ.

وهذا أحد معالم النصح في التوبة، كما بينه ابن القيم ـ رحمه الله ـ فقال: النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:

الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها، بحيث لا تدع ذنبا إلا تناولته.

والثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها، بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوم ولا انتظار، بل يجمع عليها كل إرادته وعزيمته مبادرا بها.

الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ولحفظ حاله، أو لحفظ قوته وماله، أو استدعاء حمد الناس، أو الهرب من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء، أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإفلاسه وعجزه، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل.

فالأول: يتعلق بما يتوب منه.

والثالث: يتعلق بمن يتوب إليه.

والأوسط: يتعلق بذات التائب ونفسه.

فنصح التوبة: الصدق فيها والإخلاص وتعميم الذنوب بها. اهـ.

والمراد أن ننبه السائل على فساد نية التائب إن كان لا يريد بذلك إلا حصول عرض من الدنيا، بل لابد أن يكون الأساس طلب مرضاة الله والدار الآخرة.

والذي ينبغي فعله الآن أن تجدد نيتك وتنصح في توبتك، ويمكن أن يكون ذلك بافتراض أن هذا العمل لن يأتي، فهل سيتوب السائل مع ذلك؟ أم إنه يربط توبته بحصول هذا العمل؟! فإن كان سيمضي في توبته على أية حال، فهذه علامة خير وإخلاص، وإلا فربطها بحصول هذا العمل علامة شر وسوء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني