الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحرم بالعمرة ثم رفضها واعتمر بعد عدة سنين فماذا عليه

السؤال

نويت العمرة ولبست ملابس الإحرام ودخلت مكة وكنت متعباً فذهبت إلى أحد الفنادق ونمت به وذهب أصحابي إلى الحرم واعتمروا ولما عادوا أيقظوني فنزعت إحرامي دون أن أعتمر، أو أدخل الحرم وذهبنا إلى الطائف وبعد ذلك بسنوات أديت العمرة مره أخرى، فماذا علي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان الواجب عليك أن تتم العمرة التي أحرمت بها، ولم يكن يجوز لك أن تترك أداء العمرة، فإنها تلزم بالشروع فيها، لقوله تعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ.{ البقرة: 196}.

وما دمت قد فعلت ما فعلت، فإنك لم تزل محرما حتى أديت النسك بعد هذه السنين، فإن من نوى التحلل من إحرامه لم يحل بمجرد النية حتى يتم نسكه، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: كمال أفعاله، أو التحلل عند الحصر، أو بالعذر إذا شرط ـ وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به، فإن نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الإحرام برفضه، لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد، فلا يخرج منه برفضها بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام باقيا في حقه تلزمه أحكامه، ويلزمه جزاء كل جناية جناها عليه. انتهى.

فإذا علمت هذا، فإن كنت فعلت ما فعلت جهلا بالحكم تظن أن التحلل من العمرة جائز فنرجو أن تكون معذورا بجهلك وإن لم يخل ما فعلته من تفريط يوجب التوبة لتقصيرك في تعلم ما يلزمك من أحكام الشرع، ولا يلزمك شيء إن كنت جاهلا بالحكم لما فعلته من المحظورات، إلا أن الأحوط أن ما كان من المحظورات من قبيل الإتلاف ـ كقص الشعر وتقليم الأظفار ـ فعليك فيه الفدية، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذبح شاة، وأما إن كنت عالما بالحكم فعليك فدية كل محظور ارتكبته، وإن كنت جامعت ـ والحال هذه ـ فقد فسدت عمرتك، قال النووي: قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه لو وطىء قبل الطواف فسدت عمرته. انتهى.

ويجب عليك إذن أن تمضي في فاسد هذه العمرة وقد فعلت فقامت عمرتك التي أديتها مقام مضيك في فاسد تلك العمرة، وعليك كذلك هدي لإفسادك العمرة، ويجب عليك قضاؤها صحيحة، قال الموفق ـ رحمه الله: وإن وطئ أفسد عمرته ويمضي في فاسدها وعليه دم لإفسادها ويقضيها بعمرة من الحل، ثم إن كانت العمرة التي أفسدها عمرة الإسلام أجزأه قضاؤها عن عمرة الإسلام، وإلا فلا.

انتهى.

وإن كان قد حصل منك عقد نكاح في تلك المدة فإنه لم يقع صحيحا في قول جماهير أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 137983، فالواجب إعادته إن كنت تريد استمراره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني