الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الامتناع عن الزوج وطلب الطلاق لكونه نظر إلى الحرام

السؤال

امرأة متزوجة من رجل يقوم بكل واجباته الدينية وعلى خُلق حسن اكتشفت أنه قد تصفًّح عدة مرّات بعض المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت فطلبت منه الطلاق قائلة بأنها لم تعد تحبه وتحترمه، غير أنه رفض تطليقها وأعلن توبته إلى الله وأصبح يجتهد في طاعة الله ورسوله، وكل أفراد عائلة هذه المرأة رفضوا طلبها الطلاق وخاصة والدها الذي هددها بأنه لن يرضى عنها إن هي أقدمت على الطلاق، لأنها تزوجته برضاها بعد أن اختارته من بين الرجال، ولأنه عاشرها بالمعروف وكان حسن الخلق معها ومع أهلها، ولكي تجبر زوجها على الطلاق قالت له بأنه أصبح شاذا جنسيا ومريضا يجب عليه أن يعالج نفسه وأنها ستستعمل ذلك كحجة لطلب الطلاق، عِلما بأن زوجها كان يجامعها طِبْقًا لسنة رسول الله وكانت تأخذ كفايتها من الجماع إلى آخر جماع بينهما وقد حملت منه مرتين، كما أصبحت تتعمد إهانته والإساءة إليه قائلة بأنها لم تعد لها حاجة ولا رغبة فيه وأنه ضعيف الشخصية رافضة مصاحبته إلى منزله والنوم معه في فراشه وهو لا يزال ينفق عليها ويعاملها بخلق حسن رافضا تطليقها وصابرا على أذاها وذلك مراعاة للعلاقة الزوجية التي بينهما واحتراما لأهلها الذين طلبوا منه أن يصبر عليها محتسبا الأجر عند الله عز وجل وراجيا من الله تعالى أن يهديها وأن يصلح الذي بينه وبينها، فهل يجوز لها الإقدام على مثل هذا الفعل؟ وهل يجوز لها طلب الطلاق؟ وهل صبره عليها يعتبر ضعفا لشخصيته؟ أم هو من كمال خلق الرجل؟
نرجو الإفادة، وجزاكم الله من كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها لمجرد كونه يشاهد المواقع الإباحية، ولا سيما إذا كان قد تاب من ذلك، ولكن قد نص الفقهاء على أن المرأة إذا كرهت زوجها وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا. { البقرة: 229 }،.

وهذا ما يسمى في الفقه الإسلامي بالخلع، وراجع فيه الفتوى رقم: 20199.

ويستحب للزوج إجابتها إلى الخلع، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 64903.

واتهام المرأة زوجها بأنه شاذ جنسياً أمر خطير، فإن لم تكن لها بينة في ذلك، فهو قذف منها له، وإهانتها وسبها له وامتناعها عن فراشه يعتبر نشوزاً منها، وعلاج النشوز مبين في الفتوى رقم: 1103.

وأما صبر الزوج على زوجته رجاء إصلاحها: فلا يعتبر ضعفاً، أو خوراً، أو تخلياً منه عن القوامة، ولكن إن تمادت في غيها ولم تجد معها أسباب الإصلاح فالزوج في سعة من طلاقها، وقد أخرج الحاكم في مستدركه وصححه عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله.

قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق ـ بالضم ـ فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني