الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستغفار ينبغي أن يكون حال العبد دائما

السؤال

هل عند الاستغفار نستغفر من شيء معين؟ يعني تتذكر الذنب وتستغفر من الذنب بذاته، أم تطلق كلمة الاستغفار؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأمر في هذا واسع فيشرع أن يتذكر العبد ذنبه ويستغفر الله منه، كما يشرع أن يستغفر من الذنوب كلها ويعمم الدعاء فيما تذكر منها وما لم يكن عالما به، ويدل لهذا العموم كثرة استغفار النبي صلى الله عليه وسلم وتوبته من دون ذكر لشيء معين، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.

وعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدعو بهذا الدعاء: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر. رواه مسلم.

وفي الحديث الآخر: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلّهُ دِقّهُ وَجِلّهُ، وَأَوّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرّهُ. رواه مسلم.

وقد جاء الأمر بالاستغفار في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك بعد ارتكاب ما يستدعي طلب المغفرة من المخالفة الشرعية، أو بعد الطاعة، أو على كل حال، قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ { هود: 52}.

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً {النصر:3}.

ولهذا كان الاستغفار مطلوبا حتى بعد أداء العبادات والفرائض، ومن ذلك الاستغفار بعد الصلاة والحج، قال الله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة: 199}.

وفي صحيح مسلم: كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر ثلاثا.

قال السندي في شرح سنن النسائي عند شرح حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام - قال ما معناه أن الاستغفار هنا تحقيرا لعمله وتعظيما لجناب ربه، وكذلك ينبغي أن يكون حال العابد فينبغي أن يلاحظ عظمة جلال ربه وحقارة نفسه وعمله لربه فيزداد تضرعا واستغفارا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني