الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وزوجة وثلاثة أبناء وبنتين وأخ لأم

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: أم، وزوجة، وثلاثة أبناء، وبنتان، وأخ من الأم.
علما بأن على الميت ديونا، ووجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها، ولم يحج مع استطاعته مادياً ولم يحج عنه أحد، وعليه كفارات، ككفارة يمين ونحوه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب أولا قبل قسمة التركة على مستحقيها أن يتم سداد الدين الذي على الميت, ويخرج أيضا من التركة الزكاة التي لم يدفعها والكفارات وما يحج به عن الميت، لأن هذه ديون على الميت وهي مقدمة على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى رقم: 6159.

وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دين الآدمي وبين إخراج ما يحج به عنه فقد تعددت أقوال الفقهاء في أيهما يقدم؟ أحق الله تعالى؟ أم حق العباد؟ وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى رقم: 135663، فراجعها.

وإن لم يبق شيء بعد إخراج ما ذكر فلا شيء للورثة, وإن بقي شيء قسم بينهم القسمة الشرعية, وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}.

ولزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}.

والباقي للأبناء والبنتين ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.

ولا شيء للأخ من الأم، لأنه محجوب بالفرع الوارث حجب حرمان, فتقسم التركة على مائة واثنين وتسعين سهما, للأم سدسها ـ اثنان وثلاثون سهما ـ وللزوجة ثمنها, أربعة وعشرون سهما, ولكل ابن أربعة وثلاثون سهما, ولكل بنت سبعة عشر سهما.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني