الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غصب أرض أخيه ثم اشتراها منه ولم يدفع القيمة كاملة

السؤال

اشترى والدي قطعة أرض ولكن لم يسجلها رسميا، فأعطى أخاه وكالة شرعيه ليقوم بتسجيلها، ولكن قام الأخ بتسجيل الأرض باسمه بدل أن يسجلها باسم والدي، وبعد أن علم والدي بهذا الأمر ذهب إلى أخيه وطالبه بإعادة الأرض، ولكن رفض أخوه ذلك، وبعد اجتماعات عائليه مكثفة تم الاتفاق على أن يقوم الثاني بسداد ثمن الأرض على أقساط شهرية بقسط شهري معلوم ومبلغ إجمالي معلوم، ولكن الأخ لم يقم بسداد إلا قسطين من ثمن الأرض، وانقطع نهائيا عن سداد الأقساط، وبعد مرور 27 سنة على هذه الحادثة قرر الأخ أن يسدد ثمن الأرض كاملا ودفعة واحدة، ولكن بثمنها القديم، ولكن رفض والدي المبلغ، وطلب من أخيه أن يسدد ثمن الأرض بثمنها الحالي، وليس ثمنها قبل 27 سنة الذي زاد ثمنها أضعاف مضاعفة . فهل يسدد ثمن الأرض الحالي أم ثمنها قبل 27 سنة؟ أرجو الإفادة على البريد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي أولاً أن نحرر حكم هذا البيع ابتداءً، فإن الذي فهمناه من السؤال أن هذه الأرض إنما اشتراها والد السائل، ثم وكل أخاه بتسجيلها فخان الأمانة وسجلها لنفسه، وهذا غصب للأرض وظلم لصاحبها بلا شك، فإن كان والد السائل باع هذه الأرض لأخيه الخائن لأنه لا يستطيع ردها بعد غصبها، فهذا البيع لا يصح، وهو نوع من بيوع الإكراه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من استولى على ملك إنسان بلا حق ومنعه إياه حتى يبيعه إياه فهو كبيع المكره بغير عوض. انتهى.

ونقل ذلك البهوتي في كشاف القناع وفي شرح منتهى الإرادات ثم قال: فلا يصح بيعه، لأنه ملجأ إليه. انتهى. وعليه، فهذه الأرض باقية على ملك صاحبها، وليس للغاصب إلا القسطان اللذان دفعها قديماً، وأما إن كان البيع قد تم عن تراض، فليس لصاحب الأرض أن يطلب بزيادة على الثمن حتى ولو ارتفع السعر أضعافاً، فإن المدين إنما يلزمه قضاء ما ثبت في ذمته وقت التحمل، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، فإن جاء الأجل لزمه السداد، إلا إذا ثبت إعساره فينظر إلى ميسرة كما أمر الله، وأما إذا كان موسراً فماطل فمطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته، فيرفع أمره للقاضي الشرعي ليجبره على الدفع ويعاقبه بما يستحق. هذا على قول جمهور أهل العلم. وذهب أبو يوسف من الحنفية وعليه الفتوى عندهم إلى أنه يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج. وذهب الرهوني من المالكية إلى أنه إذا كان تغير قيمة النقد تغيراً فاحشاً وجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص، أما إذا لم يكن فاحشاً فالمثل، وعلى هذا يكون الواجب هو سداد ثمن الأرض بقيمتها الحالية، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 20224.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني