الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهيئة التي يكون عليها من مات صغيرا حين يدخل الجنة

السؤال

كيف يدخل الطفل الجنة ؟ هذا السؤال الذي سألني إياه أحد الملحدين ، قلت له طبيعي يدخل الجنة ، قال معناها أنه يُحرم من بعض نعيم الجنة مثل الحور العين وغيرها، واستشهد بالآية الكريمة ( وما الله بظلاّم للعبُيد ) هنا لم أستطع الإجابة وأتركها لفضيلتكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلو كان الأمر على ما يفهم هذا الملحد التعيس لأمكن أن يقال ذلك ليس في حق الأطفال فحسب، بل وكذلك في حق الشيخ الهرم الذي بلغ أرذل العمر، وفي حق المرضى الذين تحول أمراضهم بينهم وبين كثير من اللذات والشهوات، سواء في ناحية النكاح، أو الطعام والشراب، أو غير ذلك.

ولكن الأمر بفضل الله ورحمته وكرمه على خلاف هذا الفهم الأبتر، فمن ناحية السن، كل من يدخل الجنة كبيرا كان أو صغيرا يكون عمره ثلاثا وثلاثين سنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين سنة. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني والأرنؤوط.

فأهل الجنة كلهم يكونون عند دخولها في هذه السن، ويدومون على ذلك، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة جرد مرد كحل لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.

فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفنى شبابهم" قال المباركفوري: كُلٌّ مِنْهُمْ فِي سِنِّ اِبْنِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ دَائِمًا اهـ. وراجع الفتويين رقم: 116064، 75913.

وهذا أحد قولي أهل العلم في المسألة، وهو الراجح، وهناك قول آخر أن الأطفال الذي ماتوا صغارا هم الولدان المخلدون في الجنة، فهم من خدم أهل الجنة وغلمانهم.

قال ابن القيم في (حادي الأرواح): قد اختلف في هؤلاء الولدان، هل هم من ولدان الدنيا، أم أنشأهم الله في الجنة إنشاءً، على قولين ـ فذكر القولين ثم قال ـ : وأصحاب القول الأول لا يقولون: إن هؤلاء أولاد ولدوا لأهل الجنة فيها، وإنما يقولون: هم غلمان أنشأهم الله في الجنة كما أنشأ الحور العين. قالوا: وأما ولدان أهل الدنيا فيكونون يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين؛ لما رواه ابن وهب أنبأنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وكذلك أهل النار" رواه الترمذي.

والأشبه أن هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة كالحور العين خدما لهم وغلمانا كما قال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} وهؤلاء غير أولادهم، فإن من تمام كرامة الله تعالى لهم أن يجعل أولادهم مخدومين معهم ولا يجعلهم غلمانا لهم ... وإذا تأملت لفظة الولدان ولفظة ويطوف عليهم واعتبرتها بقوله (ويطوف عليهم غلمان لهم) وضممت ذلك إلى حديث أبي سعيد المذكور آنفا علمت أن الولدان غلمان أنشأهم الله تعالى في الجنة خدما لأهلها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني