الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إن كرهت من زوجتك خلقا رضيت منها آخر

السؤال

من باب الثقافة الدينية أقرأ كثيرا من الفتاوى، وقد قرأت عن طلاق البدعة وكنت مقتنعا أن طلاق الحائض لا يقع، المهم أنني متزوج منذ سبع سنين ولي 3 أطفال ـ والحمد لله ـ زواجي كان فقط لإرضاء والدي، لأنه غضب مني جدا، لأنني رفضت أن أتزوج منها ورحمة لدموع أمي التي قالت إنها خائفة أن ينجلط والدي من جراء رفضي للزواج ـ فأبي طلب يد زوجتي لي دون علمي ـ في كل يوم من الزواج أفكر في الطلاق وهي والحق يقال أنها إنسانة محترمة وحاولت جدا أن أحبها ولكن لم أستطع وفي آخر فترة تغيرت معي جدا ووصلنا إلى مرحلة أننا لا ننام في نفس الغرفة ولا نكلم بعضنا نهائيا، وكانت في فترة الدورة الشهرية فقلت لها من باب التهديد لكي تتعظ أن طلاقي لك في هذه الفترة لا يجوز فقولي لي حين تطهرين لكي أفعل ما يريحني ويريحك وكان فقط من باب التهديد ولكنها بدلامن أن تتعظ، أو تخف ثارت وقذفت أختي بأنها على علاقة مع شخص على الهاتف بدون أي بينة وهذا الشخص من أقربائها فصمتت قليلا، وقلت لها: أنت طالق ، وأنا واع لما قلته لأنني لم أتحمل كلامها فأصبحت أقرأ أكثر عن الطلاق البدعي فوجدت الإفتاء الأردني ـ وأنا من الأردن ـ وحضرتكم تقولون إنه يقع وهناك مشايخ مثل ابن تيمية والباز يقولون إنه لا يقع فقلت في نفسي سأرجع إلى فتوى الشيخ ابن عثيمين، لأنني أثق وأرتاح لفتاويه فوجدت في فتاويه أنه لا يقع وكما قلت لكم أنني كنت مقتنعا قبل الطلاق أن الطلاق البدعي لا يقع، وسؤالي هو: هل تعتبر هذه طلقة أم لا؟ وللعلم هذه طلقة أولى.
ثانيا: أرجعت زوجتي، ولكنني غير مرتاح نهائيا معها وتعبت من التمثيل عليها حتى الجماع لا أطيقه معها، مع أنني غير مقصر معها، فما نصيحتك لي؟ طبعا لا أستطيع الزواج بثانية رأفة بأولادي، لأنني أحبهم بجنون، فما نصيحتكم لي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه أولا على أنه لا يلزمك طاعة أبيك في الزواج ممن لا تحب ولا تعتبر بذلك عاقا له؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 132296.

ولكن سعيك في إرضائه يعتبر من البر والإحسان اللذين تثاب عليهما كثيرا ـ إن شاء الله ـ

وبخصوص الطلاق الذي تلفظت به أثناء الحيض فهو نافذ عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه لا يقع، لكونه طلاقا بدعيا محرما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 110547.

وفي خصوص ما إذا كان لك الأخذ بقول القائلين بعدم وقوع الطلاق البدعي، فالجواب أن أخذه تتبعا لرخص المذاهب غير جائز، كما قدمنا في الفتوى رقم: 5583.

وأما الأخذ به لزيادة ثقتك بالقائلين به، ورجحانه عندك من هذه الجهة فهذا هو الواجب في حقك، وراجع الفتوى رقم: 38050.

وبما أنك قد ارتجعت زوجتك فقد عادت لعصمتك، وإن استطعت أن تصبر على زوجتك هذه وتحسن عشرتها فافعل، خصوصا أنك قد ذكرت أنها محترمة ولك منها أولاد تحبهم كثيرا وقد يكون الطلاق سببا في ضياعهم، ونرشدك هنا إلى توجيه عظيم ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه الإمام مسلم وغيره.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. انتهى.

وليس على الحب وحده تبنى البيوت، ففي الزواج كثير من المصالح وقد لا توجد الناحية العاطفية ويستمر الزواج، أو توجد بعد أن لم تكن موجودة، مع العلم أنه يباح لك طلاقها لا سيما إن لم يحصل لك غرض بالمكث معها وأصبحت لا ترتاح معها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني