الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزكية النفس ومدحها بين الجواز والنهي

السؤال

السؤال باختصار: كيف يمكن الجمع بين قول الله تعالى: ولا تزكوا أنفسكم ـ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له؟ نسأل الله لنا ولكم الفهم والعلم والعمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تعارض بين الآية الكريمة وبين الحديث، لأن النهي عن تزكية النفس إنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة بل للفخر والإعجاب، أو مدحها بما ليس فيها، وأما من زكاها شكرا للنعمة، أو لبيان فضله ليقتدى به كما في الحديث المذكور في السؤال، فلا ينهى عن ذلك، فقد قال أهل التفسير في معنى الآية الأولى: فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم: 32}. أي لا تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم وبطهارة أنفسكم من المعاصي والرذائل، وهذه الآية مثل قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً {النساء: 49 }.

ففي الآية الأولى نهي صريح عن مدح النفس والرفع من شأنها، وفي الآية الأخرى إنكار شديد على من يفعل ذلك من اليهود وغيرهم، وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وأما النهي عن تزكية النفس فإنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة، بل للفخر والإعجاب، وقد كثرت تزكية النفس من الأماثل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك، أو تحصيل مصلحة للناس، أو ترغيب في أخذ العلم عنه، أو نحو ذلك، فمن المصلحة قول يوسف صلى الله عليه وسلم: اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ـ ومن دفع الشر قول عثمان ـ رضي الله عنه ـ في وقت حصاره أنه جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة، ومن الترغيب قول ابن مسعود هذا، وقول سهل بن سعد: ما بقي أحد أعلم بذلك مني، وقول غيره: على الخبير سقطت وأشباهه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني