الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية ذكر العاصي لربه وحرمة استعانته بالذكر على معصيته تعالى

السؤال

توجد فتوى في موقعكم برقم: 151941، وبعنوان: لايجوز ذكر الله تعالى عند فعل المعصية، وسؤالي هو: الذي يعمل في هيئة حكومية لكن لا يداوم في العمل طوال أيام الأسبوع منذ عدة سنوات وبالتالي الراتب الذي يستلمه هو مال سحت، فهل تجوز له التسمية عند الأكل والشرب حيث إن كل طعامه وشرابه من هذا المال السحت؟ وهل تجوز له التسمية ودعاء الركوب في وسائل النقل حيث يدفع قيمة المشوار من هذا المال السحت؟ وأذكار الصباح حيث توقف عن قراءة الأذكار بعد أن قرأ تلك الفتوى المشار إليها في الأعلى حيث إن بقاءه في البيت أثناء العمل يعتبر معصية، وبالتالي لا تجوزله قرآءة الأذكار عند هذه المعصية ـ ترك الدوام ـ لأن ذكر الله عند المعصية لايجوز، حيث يذهب إلى العمل صباحا فقط من أجل أن يبصم البصمة الإلكترونية للتسجيل أنه حاضر ثم مباشرة يرجع إلى البيت أي لا يبقى في العمل، وعند ذبح الأضحية في عيد الأضحى، وهذه الأضحية يشتريها من هذا المال السحت، فهل تجوز له التسمية عند الذبح في هذه الحالة؟ أم يذبح الأضحية من غير تسمية؟ أم ماذا يعمل؟ وهل تجوز له قرآءة الأذكار وهو في الطريق يمشي مسبلا البنطلون إلى أسفل الكعبين والإسبال معصية وبالتالي لايجوز ذكر الله عند هذه المعصية؟ أرجو من فضيلتكم الإجابة عن كل سؤال من الأسئلة السابقة وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله تعالى ويلتزم بالدوام حسب عقد العمل، لقوله تعالى: أوفوا بالعقود { المائدة:1}.

ويجب عليه أن يرد ما أخذ من راتب لم يقابله عمل إلى الجهة التي يعمل بها مالم تسمح به هذه الجهة على وجه مشروع، أما ما ذكرت من التسمية على الأمور المذكورة فإنها مشروعة ولا تدل فتوانا على حرمة التسمية في مثلها فهناك فرق واضح بين أن يذكر العاصي ربه ذكرا مطلقا، أوعند سبب وبين أن يذكر الله مستعينا بذكره على المعصية، فالعاصي كغيره يشرع له أن يذكر الله في جميع أوقاته وأحواله إلا ما استثنى الشارع من ذلك ككون الإنسان على قضاء الحاجة مثلا، ولا فرق فيه بين عاص وغيره، فهذه الأمور التي ذكرالسائل ليست مرادة بما ذكرناه في الفتوى المشار اليها قطعا وليست بأحق بالتسمية من المغصوب، إذ تشرع التسمية عليه، لأن المغصوب حرمته عارضة، جاء في حاشية البجيرمي على المنهج: قوله: تسمية وهي سنة عين بخلافها في الأكل فسنة كفاية، قال م ر: وتسن ولو بماء مغصوب خلافا لبعض المتأخرين، لأنها قربة والعصيان لعارض. اهـ.

وفي حاشيته على الخطيب: والمعتمد أنها تحرم في الحرام أي لذاته كالزنا وشرب الخمر, وكذا يقال في المكروه, ولينظر لو أكل مغصوبا هل هو مثل الوضوء بماء مغصوب، أو الحرمة فيه ذاتية؟ والظاهر الأول وحينئذ فصورة المحرم الذي تحرم التسمية عنده أن يشرب خمرا، أو يأكل ميتة لغير ضرورة, والفرق بينه وبين أكل المغصوب أن الغصب أمر عارض على حل المأكول الذي هو الأصل بخلاف هذا. اهـ.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني