الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضع المضارب المال في غير ما اتُفِقَ عليه يعتبر تعديا يستوجب الضمان

السؤال

يعطيك العافية يا شيخ وبارك الله فيك، وإن شاء الله في ميزان حسناتك.
شيخ: الله يرضى عليك أنا رجل الحمد لله هداني الله إلى الطريق الصواب، شيخ الله يرضى عليك أنا آخذ من الناس فلوسا مبالغ كبيرة وكذبت عليهم قلت لهم على أساس مشروع عقار، هو للأسف مشروع فاسد وحرام، والله يبعدنا عن الحرام.
هل هذا يعتبر أكلا لأموال الناس؟؟
أنا رجل حاليا متواجد في المشروع وأساعد على أن ينتهي المشروع على أساس أخذ حقوق الناس وردها. فهل هذا يجوز؟؟؟
شيخ أنا أدعو الله أن يسهل المشروع والعملية على أساس أن أرد حقوق الناس، لكن يا شيخ نيتي أن أرد حقوق الناس وليس أن ينتهي المشروع وآخذ الأرباح. فهل يجوز أن أدعو لأن ما أعرفه أنه لا يجوز أن أدعو لحصول حرام؟ طبعا الله أعلم بالنيات.
شيخ إذا انتهى المشروع إن شاء الله وأرجعت حقوق الناس هل يجوز لي أن آخذ من المال قدر حاجتي لأنني قرأت فتوى تقول يجوز أن تأخذ من المال قدر حاجتك، ويا شيخ إذا أخذت للزواج وإعانة أهلي والبر بهم من خلال سفرات وهدايا، لأن ظروفنا المادية صعبة، وإن شاء الله الله يغفرلي ويسامحني على المبلغ الذي آخذه لأن نيتي صافية. هل يجوز ذلك؟ الفتوى من الشيخ ابن باز رحمه الله.
وشكرا وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخديعتك لأصحاب الأموال وكتمان حقيقة الأمر عنهم، وأنك إنما أخذت المال لتستثمره في مشروع عقاري أمر محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.

ويعتبر وضعك للمال في غير ما أذن لك فيه نصا أوعرفا تعديا يستوجب الضمان، ولذا فأنت ضامن لأموال الناس وعليك ردها إليهم، ولا يجوز لك الاستمرار في مشروع محرم ولا الدعاء لبقائه ونجاحه. وقد قال عليه الصلاة والسلام: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.

وليس لك أن تأخذ من أموال ذلك المشروع المحرم سوى رأس مالك فقط، وما زاد عليه فهو مال محرم يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين ودفعه إلى الفقراء والمساكين، وليس لصاحبه الانتفاع به إلا إذا كان فقيرا محتاجا فيأخذ بقدر حاجته كسائر الفقراء.

قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.

وعليك المبادرة إلى التوبة بالتخلص من الحرام والكف عنه ورد أموال الناس إليهم، والندم على ذلك الفعل المحرم والعزيمة ألا تعود إليه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني