الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من هدي السلف تهذيب النفس بتعذيبها وما شابه ذلك

السؤال

هل من ترك الأخذ بما ورد عن السلف الصالح مما لم يذكر فى الكتاب والسنة يطعن فى كمال الإيمان ؟
وإن كان كل يؤخذ منه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلماذا لا يتم إعادة النظر فيما ورد عن السلف، فهناك بعض العلوم النفسية تثبت أن بعض طرق السلف فى معالجة النفس تضر بالصحة النفسية للشخص المسلم . مثل جلد ومعاقبة النفس واتهامها بالسلب دائما مما يؤثر في الثقة بالنفس وقوة الشخصية. أرجو منكم الإفادة. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسلف هذه الأمة الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين أنوار هدى ومصابيح دجى، يستنار بهم في فهم نصوص الكتاب والسنة. فهم أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، وهم مع ذلك غير معصومين من الخطإ، لكن إذا أجمعوا على أمر لم تحل مخالفته.

قال ابن حزم في كتابه مراتب الإجماع وهو يتحدث عن الإجماع: ومن خالفه - أي الإجماع - بعد علمه به، أو قيام الحجة عليه بذلك فقد استحق الوعيد المذكور في الآية. يعني قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا.[النساء:15].

وقال القاضي أبو يعلى في كتابه العدة: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. اهـ.

فمخالفتهم في هذه الحالة تتنافى مع كمال الإيمان الواجب.

وإذا اختلفوا وزنت أقوالهم بميزان الشرع، فيتبع منها ما كان أقرب موافقا للكتاب والسنة، متماشيا مع قواعد الشرع ومقاصده. ولا ندري من هؤلاء السلف الذين نقلت عنهم القول بتهذيب النفس بالجلد والتعذيب ونحو ذلك. فإن كنت تقصد من هذا القبيل ما ذهب إليه بعض أصحاب الأفكار المنحرفة فليس هذا من العلم في شيء.

قال ابن الجوزي وهو يتحدث عن كتاب إحياء علوم الدين للغزالي وما فيه من أخطاء: وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به، ما لا حاصل له من الكلام في الفناء والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد؟! إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره في كتابي المسمى "تلبيس إبليس. اهـ.

فمثل هذه الأفكار لا يجوز اعتقادها أو العمل بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني