الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من فعلت المحلوف عليه ناسية أو متأولة

السؤال

حصل بيني وبين زوجتي خلاف حول دخول جارتنا إلى بيتي.
فكلما زارتنا الجارة كانت تحضر معها ابنتها التي تبلغ من العمر سنتين ونصف، وتقوم هذه الطفلة بضرب ابني الذي يبلغ من العمر سنة ونصف. وفي كل مرة ألاحظ آثار الضرب على جسم طفلي. قمنا بتنبيه الجارة إلى أفعال ابنتها ولكن دون فائدة.
فطلبت من زوجتي عدم استقبال هذه الجارة في بيتي والهدف هو منع ابنتهم من ضرب طفلي.
ولكن زوجتي كانت تستقبل الجارة في بيتي دون علمي، إلى أن جاء يوم عدت فيه من العمل ولاحظت أثار كدمات على وجه طفلي فسألت زوجتي عن السبب فأخبرتني أنها استقبلت جارتها في البيت وقامت ابنتها بضرب طفلي.
فحلفت على زوجتي أنها طالق في حال سمحت لجارتها بدخول بيتي، وكان الهدف هو منع ابنتهم من ضرب طفلي. وقد اتفقنا على هذا الأمر.
المشكلة أنني بعد فترة طويلة عدت إلى بيتي مبكراً فوجدت الطفلة (ابنة الجارة) في بيتنا. فذكرت زوجتي بموضوع الطلاق وأنه قد يكون وقع الطلاق لأن الهدف كان منع دخول الطفلة ومنعها من ضرب ابني. لكن زوجتي تصر على أنني عندما نطقت بالأمر ذكرت المرأة ولم أصرح بالطفلة وتقول أنها متأكدة وتتذكر تماماً صيغة الكلام وهي "إذا سمحتي لهذه المرأة بدخول بيتي فأنت طالق". علماً أن زوجتي غير جاهلة بالحكم الشرعي إذ هي خريجة كلية الشريعة بفرع الأزهر في سوريا.
أما أنا فلا أتذكر صريح كلامي فيما هل ذكرت الطفلة أم لا والأرجح أنني لم أصرح بها، ولكن المؤكد أنني كنت أهدف إلى منع الطفلة من ضرب طفلي وذلك بمنعها من دخول بيتي عن طريق منع والدتها.
فهل وقع الطلاق في هذه الحالة؟ علماً أن الطفلة دخلت بيتنا أكثر من مرة.
جزاكم الله خيراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر –والله أعلم- أن دخول الطفلة يحصل به الحنث في يمينك اعتبارا بالنية والسبب الذي بعثك على الحلف، فإن النية في اليمين تخصص العام وتعمم الخاص، وانظر الفتوى رقم :35891
لكن إذا كانت زوجتك قد سمحت للطفلة بالدخول متأولة أن الطلاق لا يقع به ففي حصول الحنث بهذا خلاف بين العلماء، ورجح بعضهم عدم الوقوع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ..قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى. الفتاوى الكبرى.

ولا يخفى أن كلام شيخ الإسلام ولكن المحلوف عليه مثله.

قال البهوتي (الحنبلي): فمن حلف على زوجته أو نحوها لا تدخل دارا فدخلتها مكرهة لم يحنث مطلقا ، وإن دخلتها جاهلة أو ناسية فعلى التفصيل السابق فلا يحنث في غير طلاق وعتاق وفيهما الروايتان. كشاف القناع.

وقال ابن القيم: فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلًا مُقَلِّدًا ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي. إعلام الموقعين عن رب العالمين.

وننصحك ألا تستعمل ألفاظ الطلاق للتهديد ونحوه ، والواجب على زوجتك أن تطيعك في المعروف من غير حاجة لتهديد بطلاق وغيره ، فإن لم تطعك فلتسلك معها وسائل الإصلاح المشروعة .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني